انتقد العضوان السابقان في “كابينيت الحرب”، بيني غانتس وغادي آيزنكوت، أداء نتنياهو، مؤكدين أن التركيز على محور فيلادلفيا هو تزيف للواقع وأنه ليس هو التهديد الوجودي لإسرائيل، بل التهديد الحقيقي يأتي من إيران. وطالبا “باستعادة الرهائن بأي ثمن”.
قال العضوان السابقان في “كابينيت الحرب” الإسرائيلي، بيني غانتس وغادي آيزنكوت، من حزب “المعسكر الوطني”، في مؤتمر صحافي عقداه مساء الثلاثاء، إن محور فيلادلفيا ليس تهديدا وجوديا لدولة إسرائيل كما يدعي رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، الذي اتهماه بأنه يعرقل التوصل إلى صفقة تبادل أسرى لدوافع سياسية.
تغطية متواصلة على قناة موقع “عرب 48” في “تليغرام”
وقال غانتس، في مؤتمر صحافي مشترك مع آيزنكوت، إن إسرائيل لا تحتاج إلى الاحتفاظ بقوات في منطقة محور فيلادلفيا لأسباب أمنية، ويجب عدم استخدام ذلك كذريعة لمنع التوصل إلى اتفاق لإعادة بقية الرهائن من قطاع غزة.
وشدد غانتس على أن إيران وليس ما محور فيلادلفيا (صلاح الدين)، هي التهديد الوجودي الرئيسي لإسرائيل، وأضاف أنه في حين أن المحور مهم لمنع حماس من تهريب الأسلحة إلى غزة، إلا أن الجنود سيكونون “هدفا سهلا” ولن يمنعوا نشاط الأنفاق. كما رفض تأكيد نتنياهو بأن الانسحاب الإسرائيلي من فيلادلفيا سيؤدي إلى ضغوط دولية تجعل العودة أمرا صعبا.
وفي أعقاب المؤتمر الصحافي الذي عقده نتنياهو، الإثنين، حول محور فيلادلفيا، قال غانتس إن نتنياهو “قدّم عددًا من الحجج، بعضها كان وازنا والبعض الآخر كان دون أي أساس. ولكن رئيس الحكومة لم ينظر في أعين الجمهور ليقول الحقيقة: أنه لن يعيد الرهائن أحياءً، وأنه لن يحمي الحدود الجنوبية بشكل فعلي، وأنه لن يعيد سكان الشمال إلى منازلهم، وأنه لن يمنع إيران من الحصول على سلاح نووي”.
وتابع “هذا لم يفاجئني، لأننا خلال الفترة التي كنا نجلس فيها في كابينيت الحرب، كان نتنياهو يعيق بانتظام القدرة على التقدم في صفقات الرهائن، بما في ذلك خلال الصفقة الأولى”.
وأضاف “منذ بداية الحرب، عندما طلبنا توسيع الضغط العسكري ليشمل خانيونس، وبعدها إلى رفح، كان نتنياهو مترددًا ومعارضا. حتى عندما أردنا بناء ممر في محور ‘موراج‘ (شمال رفح – على اسم مستوطنة إسرائيلية سابقة في الطرف الجنوبي الغربي من قطاع غزة) للتعامل بشكل سريع مع الجبهة الجنوبية، دون التحديات السياسية المرتبطة بمحور فيلادلفيا، رفض نتنياهو ذلك”.
وتابع “نتنياهو رفض ولا يزال يرفض إدراج عودة سكان الشمال المهجور بأمان وبالسرعة الممكنة كهدف من أهداف الحرب. نتنياهو منشغل بالبقاء السياسي، مما يضر بالعلاقات الإستراتيجية مع الولايات المتحدة، بينما تتقدم إيران نحو امتلاك سلاح نووي”.
وقدم رئيس “المعسكر الوطني” رؤيته لما يجب أن تعمل الحكومة الإسرائيلية على إنجازه: “إعادة الرهائن حتى لو كان الثمن باهظاً للغاية”؛ و”إغلاق غزة من الجنوب لمنع تكرار السابع من تشرين الأول/ أكتوبر”؛ و”العودة إلى محور فيلادلفيا عندما يكون ذلك ضروريًا”؛ و”نقل العمليات العسكرية إلى الشمال” (في مواجهة حزب الله)؛ و”تشكيل تحالفات إقليمية لمواجهة إيران ووقف تقدمها نحو السلاح النووي”.
وتابع غانتس: “السيطرة على محور فيلادلفيا مهمة لمنع التهريب والتسلح. لكن نتنياهو يعلم أن أبراج المراقبة وحدها تجعل جنودنا أهدافًا سهلة ولا تمنع التهريب عبر الأنفاق. نتنياهو يعلم أن هناك خطة دفعت بها وزارة الأمن لإنشاء حاجز تحت الأرض للأنفاق، وهو الحل الحقيقي للمحور فيلادلفيا، بما في ذلك المشاركة الإسرائيلية في ذلك، لكن نتنياهو لا يدفع بها على المستوى الأمني والسياسي، ولا يجتمع مع الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي. نتنياهو لا يقدم حلاً لمعبر رفح، حيث تمر المواد ذات الاستخدام المزدوج”.
وانتقد غانتس: “قبل بضعة أشهر فقط، قال نتنياهو إنه بعد تدمير كتائب حماس في رفح، سنصل إلى النصر المطلق. من الواضح أن الواقع ليس مجرد شعارات تنفع لحملات انتخابية. القضية ليست فيلادلفيا، بل في عدم اتخاذ قرارات إستراتيجية حقيقية. في الجلسة الأولى لكابينيت الحرب، قلت إن الأطفال الذين لم يصلوا بعد إلى الصف التاسع، سيقاتلون في غزة (في إشارة إلى أن الحرب ستستمر لسنوات). هذه هي الحقيقة التي نعيشها. من يظن أننا لن نعود للقتال، من يعتقد أن (يحيى) السنوار سيستسلم ويدخل في اتفاق طويل الأمد، ما زال يعيش في السادس من تشرين الأول/ أكتوبر”.
وأضاف غانس “كما دخلنا غزة للمناورة (في إشارة إلى اجتياح القطاع) حين كان نتنياهو مترددًا، وكما عقدنا الصفقة الأولى لاستعادة الرهائن عندما حاول تعطيلها، وكما عدنا للقتال عند الحاجة بعد الصفقة السابقة، سنعود بالضبط إلى محور فيلادلفيا إذا وحين تستدعي الحاجة. كما سنعود للعمل في (حي) الزيتون وخانيونس وفي كل مكان آخر”.
وتابع “إذا كان نتنياهو لا يدرك أن كل شيء تغير بعد 7 أكتوبر، وإذا كان لديه شك في أن السنوار سيتم القضاء عليه، وأننا سنصل إلى أي مكان يجب أن نصل إليه وفي الوقت الذي يستدعي أن نصل إليه، وإذا لم يكن قويًا بما يكفي لمواجهة الضغط الدولي، فليرحل”، ودعا إلى انتخابات مبكرة لاستبدال حكومة نتنياهو.
وأضاف غانتس: “نحتاج إلى التوصل إلى صفقة، سواء كانت على مراحل أو دفعة واحدة. المهم أن نتوصل إلى اتفاق لإعادة الرهائن. يجب أن نضمن بناء حاجز تحت الأرض على طول محور فيلادلفيا، وأن ندرك أننا قد نحتاج لإطلاق سراح قتلة مدانين. عملنا لسنوات، وسنعمل سنوات أخرى. يجب أن نصعد الهجوم في الشمال ونعيد السكان. يجب أن نتعامل مع التهديد الذي تبنيه إيران في مواجهتنا”.
بدوره، قال آيزنكوت: “لم نحقق أيًا من أهداف الحرب. نتنياهو لا ينجح في تحويل المكاسب التكتيكية إلى نجاح إستراتيجي. ما أزعجني هو أن رئيس الحكومة يقوم بنزع الشرعية عن وزير الأمن وضباط الجيش الإسرائيلي”. وأضاف آيزنكوت أن “الوضع الإستراتيجي لإسرائيل لن يتأثر بمحور فيلادلفيا”.
ما ورد مكتب نتنياهو على تصريحات غانتس قائلاً: “الواقع يتحدث عن نفسه. منذ أن انسحب غانتس وحزبه من الحكومة، قامت إسرائيل بالقضاء على رئيس أركان حماس ورئيس أركان حزب الله، وهاجمت الحوثيين، واستولت على محور فيلادلفيا، وهو طريق تسليح حماس، ونفذت هجومًا استباقيا ضد حزب الله ودمرنا آلاف الصواريخ الموجهة للجليل. من لا يساهم في النصر وإعادة الرهائن، من الأفضل ألا يشكل عائقا”.
ورد “المعسكر الوطني” على بيان مكتب نتنياهو قائلاً: “تمت السيطرة على محور فيلادلفيا ومعبر رفح في الوقت الذي كان فيه غانتس وآيزنكوت في الحكومة وبضغط منهما، خلافًا لنتنياهو الذي أراد التعامل مع أربع كتائب (لحماس في رفح). منذ مغادرة غانتس وآيزنكوت، عاد إرهاب السيارات المفخخة، قُتل 12 طفلاً في مجدل شمس، انخفض التصنيف الائتماني لإسرائيل، ويتم قتل رهائننا في الأسر. من لا يستطيع طوال سنة إعادة رهائننا وسكان الشمال المحترق، من الأفضل أن يضع المفاتيح على الطاولة ويدع الآخرين يقومون بالمهمة”.