“”خطر الانزلاق إلى حرب شاملة لا يزال ماثلا… والوضع ازداد سوءا. وهو أسوأ من جميع النواحي وفي جميع الساحات المحتملة. وهذا إنذار إستراتيجي، والكارثة تقترب… والاعتقاد في الجيش هو أن الإنجاز يسمح لإسرائيل بإنهاء الحرب”
خيم تشاؤم بالغ على المحللين في الصحيف الإسرائيلية الصادرة اليوم، الجمعة. وأشاروا إلى أن الحرب قطاع غزة ومقابل حزب الله في لبنان تتواصل من دون أن تكون لدى إسرائيل أهداف واضحة لاستمرار الحرب، ووسط تخوف من عدم السيطرة على اتساع القتال مقابل حزب الله إلى حرب شاملة، وتحولها إلى حرب إقليمية.
ووفقا للمحلل العسكري في صحيفة “يسرائيل هيوم”، يوآف ليمور، فإن “الكارثة لا تزال أمامنا. وإذا لم نتدارك نفسنا، فإنها قد تصل إلينا قريبا”. وأضاف أن “الوضع ازداد سوءا. أسوأ بكثير. وهو أسوأ من جميع النواحي وفي جميع الساحات المحتملة. وهذا إنذار إستراتيجي. وهو يستند إلى محادثات في البلاد وخارجها، في الأيام الأخيرة، مع عشرات المسؤولين في القيادة الأمنية، الدبلوماسية والاقتصادية”.
ولفت إلى أن “الجيش الإسرائيلي فقد آلاف الجنود. والأعداد الرسمية هي 700 قتيل تقريبا وحوالي 4000 جريح، لكن الأعداد الحقيقية أعلى، بسبب حجم الصدمة في صفوف القوات. وبدلا من تفرغ الجيش من أجل العناية بعناصره، يضطر إلى مضاعفة العبء عليهم مرتين وثلاث مرات في أعقاب حجم المهمات في جميع الجبهات، وبينها الضفة الغربية التي تضع تحديات أكثر مما مضى، وتوشك على الانفجار”.
كذلك أشار الصحافي ناداف إيال، في “يديعوت أحرونوت”، إلى أنه “لا توجد لدى إسرائيل، وكذلك لدى الولايات المتحدة، خطة واضحة لاحتمال عدم التوصل إلى صفقة مخطوفين. والسفير الأميركي في إسرائيل قال في مقابلة أجريتها معه، إن الصفقة هي عمليا السبيل الوحيد إلى الأمام. والبيت الأبيض يريد أن يتوقف إطلاق النار، وأي شيء آخر هو ثانوي”.
وأضاف أن “أجهزة الاستخبارات الغربية تقدر أن إيران تميل إلى الانضمام ومهاجمة إسرائيل في حرب واسعة مع حزب الله”.
وبحسبه، فإن “الاعتقاد في الجيش الإسرائيلي هو أن الإنجاز التكتيكي الممتاز للفرق العسكرية في قطاع غزة يسمح لإسرائيل ’بالانتقال مرحلة إلى الأمام’، وعمليا إنهاء الحرب في الجنوب بواسطة اتفاق لإعادة المخطوفين. ومصلحة إسرائيل وفقا لجهاز الأمن، ووفقا للغالبية العظمة في هيئة الأركان العامة، هي الاعتراف بأن إسرائيل هزمت حماس، والاستمرار نحو ’القتال’”.
ونقل عن مسؤولين أمنيين قولهم إنه “في إطار صفقة، لا ينبغي التخوف من القول بوضوح: هذه نهاية الحرب. ونهاية الحرب ليست نهاية القتال. والمعلومات الاستخباراتية ستستمر بالوصول وهكذا أيضا إمكانية شن هجمات من الجو أو البر. وستكون هناك شرعية كاملة للعمل بعد نهاية الحرب أيضا، إذا حاولت حماس العمل ضدنا. ونحن نعلم جيدا أنهم سيحاولون”.
وقال أحد الوزراء الأعضاء في الكابينيت (مجلس وزاري أمني مصغر) إن “النقاش كأنه يتمحور كله حول إعادة المخطوفين، هذا كذب. وإعادة المخطوفين هي ذريعة تقريبا، وذريعة ناجحة بالنسبة لنا. والأمر الأهم هو أن مصلحتنا بالخروج من هذه الحرب. وإذا لم نستخدم ورقة المساومة لإنهاء الحرب كي نعيد المخطوفين، ربما سنضطر إلى إنهاء الحرب أصلا، من دون المخطوفين. والأفضل أن ننهي الأمر الآن، وإعادتهم إلى الديار”، وفق ما نقل عنه إيال.
وأضاف مسؤول سياسي إسرائيلي آخر، تحدث إلى الصحافي: “أنظر إلى مقترح حماس في قمة باريس (لرؤساء أجهزة الاستخبارات الأميركية والإسرائيلية والمصرية ورئيس وزراء قطر). على ماذا تناقشنا. حول عدد السكان الفلسطينيين الذين سينتقلون إلى شمال القطاع. ووضع إسرائيل في المفاوضات أسوأ بكثير الآن. ليت كان بإمكاننا قبول مقترح حماس قبل عدة أشهر”.
وقال مسؤول إسرائيلي آخر، وفق لإيال، إنه “كلما انتظرنا أكثر، ستتراجع إنجازاتنا. وينبغي استغلال الظروف الحالية من أجل إعادة المخطوفين، لأنه بعد شهر سيكون وضعنا معقدا أكثر على الأرجح. والحرب تتحول دولية أكثر. وتوجد هنا قصة عالمية، بين كتلتين. وهناك تعقيدات مع الولايات المتحدة، مع دول عربية معتدلة، روسيا وإيران، كل شيء متداخل مع كل شيء. ينبغي التوقف وتطبيق الإنجازات. وسوف نستمر باستهداف حماس في جميع الأحوال”.
بدوره، لفت المحلل العسكري في صحيفة “هآرتس”، عاموس هرئيل، إلى أن “الحرب في غزة وعند الحدود اللبنانية تستمر حاليا بالتدحرج، من دون أولويات واضحة، بدون تركيز ومن دون بوصلة إستراتيجية. وفي القطاع، امتنع نتنياهو خلال فترة طويلة عن دفع صفقة مخطوفين لأنه يخشى تفكك ائتلافه بأيدي شركائه من اليمين المتطرف. وحماس تشعر أنها في مكانة تفوق ولا تسارع إلى التوقيع” على صفقة.
وأضاف أن “القتال دائر الآن من دون هدف واضح، باستثناء الأمل بأن الضربات التي تعرضت حماس لها ستقود إلى تآكل روحها القتالية لاحقا، وفي هذه الأثناء ربما يتم بواسطة معجزة تحرير مخطوفين آخرين بعملية إنقاذ جريئة”.
وتابع أن “خطر الانزلاق إلى حرب شاملة لا يزال ماثلا. وجزء من أعضاء هيئة الأركان العامة يعتقدون أن لا مفر من حرب ضد حزب الله، وأنه من الجائز أن ننجر إليها من دون أن تجري قبل ذلك محاولة أميركية أخرى للتوصل إلى تسوية دبلوماسية. وفي المقابل، يعبر جنرالات متقاعدون عن قلق حيال قدرة الجيش الإسرائيلي على التوصل إلى حسم سريع في لبنان، خلال خوض حرب في جبهتين. وفي حالة كهذه، يوافق الجميع على أن الأضرار التي ستلحق بالجبهة الداخلية (الإسرائيلية) ستكون غير مسبوقة”.
واعتبر هرئيل أن أمين عام حزب الله، حسن نصر الله، “يحاول البقاء تحت سقف الحرب. وفي المقابل، في الجيش الإسرائيلي يتزايد الميل إلى الاستمرار بخط هجومي أكبر في الشمال، وفي موازاة ذلك السعي إلى تقليص تدريجي للعمليات الهجومية في قطاع غزة”.
وأشار إلى أن “أهداف الحرب في الشمال لم تتغير رسميا، لأن نتنياهو أيضا ليس معنيا باستعراض أهداف طموحة وواضحة، سيكون بالإمكان اختبار أدائه وفقا لتحققها. والأمر الأساسي، وهذا ينطبق على كلتا الجبهتين، مرتبط بالصعوبة التي يواجهها رئيس الحكومة في اتخاذ قرارات تكون لها تبعات سياسي بشكل من شأنه التأثير على بقائه في الحكم”.