مع بدء معركة “طوفان الأقصى” والعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، قامت وزارة الطاقة الإسرائيلية بإيقاف توريد الغاز من حقل تمار الواقع على بعد 20 كيلومترًا من سواحل عسقلان، نظرًا للمخاطر الأمنية. هذا الإجراء سيتسبب في خسائر مالية كبيرة لقطاع الطاقة والغاز الإسرائيلي بمئات الملايين من الدولارات أسبوعيًا، وفقًا لتقديرات وسائل الإعلام الإسرائيلية.
شركة “شيفرون للنفط” الأميركية تدير حقل تمار، وأوقفت تصدير الغاز الطبيعي عبر خط أنابيب غاز شرق المتوسط (إي إم جي) البحري الذي يربط إسرائيل بمصر. وتستمر شيفرون في تصدير الغاز عبر خط أنابيب بديل عبر الأردن. إسرائيل فرضت إجراءات أمنية صارمة حول حقول الغاز البحرية بعد توقف تدفق الغاز من حقل تمار نتيجة لتهديدات بالهجوم بالصواريخ من قبل قطاع غزة. يُذكر أن حقل تمار تعرض في السابق لعمليات استهداف وتعطيله خلال جولات قتالية سابقة.
مع بدء العمليات العسكرية في غزة والاستجابة للحاجة المتزايدة للغاز والطاقة في إسرائيل، منحت الحكومة الإسرائيلية الوزير يسرائيل كاتس صلاحيات لإعلان حالة الطوارئ في سوق الغاز الطبيعي خلال الأسبوعين القادمين. يهدف هذا الإعلان إلى تمكين إسرائيل من توريد الغاز غير الملتزم بالعقود الموقعة مع شركات إسرائيلية ومصرية في حالة عدم توفر الغاز من أحد الحقول البحرية قبالة السواحل الإسرائيلية، وذلك لضمان تشغيل جميع محطات توليد الكهرباء في إسرائيل.
هذا الإجراء يمكن أيضًا من فسخ العقود الموقعة مع شركات الغاز وتوجيه كميات الغاز بطرق غير تقليدية إذا كان هناك نقص في الغاز بالسوق الإسرائيلي. يجدر بالذكر أن احتياجات الاقتصاد الإسرائيلي من الطاقة والغاز قد انخفضت بشكل كبير بسبب التباطؤ الاقتصادي الناجم عن الحرب.
إلى جانب ذلك، تثير الحرب في غزة تساؤلات حول مصير صفقات في قطاع الطاقة والغاز الإسرائيلي التي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات وتشمل مشاركة عدد من المستثمرين الأجانب. واحدة من هذه الصفقات تشمل عرض شركة بترول أبو ظبي الوطنية “أدنوك” وشركة الطاقة العالمية “بريتيش بتروليوم” لشراء 50% من أسهم الوحدات المشاركة في شركة “نيو ميد إنرجي” الإسرائيلية بقيمة تقدر بحوالي 1.8 مليار دولار.
يجب أن تواجه القطاعات الإسرائيلية المختلفة التحديات المتعلقة بتوفير الغاز والمياه بشكل دوري للسوق الإسرائيلية خلال الأزمة الحالية. إعلان حالة الطوارئ في سوق الغاز يعني تقليل صادرات الغاز الإسرائيلي إلى مصر والأردن حسب الحاجة. هذا يعكس حجم التحديات التي تواجهها إسرائيل في ظل الأوضاع الراهنة.
هناك نقص في توريد الغاز من حقلي لفيتان ووكاري شتانين، ولهذا السبب، تعتزم وزارة الطاقة الإسرائيلية تشغيل محطات توليد الكهرباء باستخدام أنواع من الوقود البديلة والتي تعتبر أقل صداقة للبيئة مثل الفحم وزيت الوقود والديزل. هذا الإجراء يهدف إلى ضمان استمرارية توفير الكهرباء في حالة نقص الغاز ومشاكل في التوريد من حقلي لفيتان ووكاري شتانين.
وفيما يتعلق بالخسائر المحتملة التي قد يتكبدها القطاع الإسرائيلي للطاقة في المستقبل، يُقدر أن الحرب الجارية في جبهة غزة تشكل تهديدًا لاستثمارات الغاز الطبيعي في إسرائيل. ومن المتوقع أن تضرب هذه الحرب طموحات إسرائيل في أن تصبح مركزًا لتصدير الغاز الطبيعي إلى أوروبا ومناطق أخرى.
تلك الطموحات ازدادت بقوة عندما اشترت شركة الطاقة الأمريكية شيفرون حصصًا في احتياطي الغاز الطبيعي في حقلي تمار ولفيتان، وعندما اشترت شركة “نوبل إنرجي” حصصًا في هذا القطاع بقيمة 4 مليارات دولار عام 2020. والحرب الحالية تشكل تحديًا لهذه الطموحات وتطرح تساؤلات حول مستقبل استثمارات الغاز الإسرائيلي.
حقول الغاز تمد إسرائيل بـ70% من الطاقة
وتغطي حقول الغاز الطبيعي قبالة السواحل الإسرائيلية نحو 70% من إنتاج الكهرباء واحتياجات الطاقة في البلاد، حسب صحيفة “إسرائيل اليوم”.
وذكرت الصحيفة ذاتها أن الحكومة الإسرائيلية صادقت أغسطس/آب 2023 على قرار يسمح بتوسيع إنتاج الغاز من حقل تمار بنسبة 60%، ابتداء من عام 2026، وذلك لضمان إمدادات الغاز للاقتصاد الإسرائيلي بانتظام حتى عام 2048، وإضافة صادرات الغاز إلى مصر عبر حقل تمار.
هذه الخطوة اعتبرتها وزارة الطاقة الإسرائيلية “مهمة ومن شأنها زيادة إيرادات الدولة وتعزيز الاقتصاد الإسرائيلي، وتعزيز العلاقات السياسية بين إسرائيل ومصر”.
وذكرت مراسلة صحيفة “إسرائيل اليوم” للشؤون الاقتصادية سونيا غوروديسكي أن نحو ثلث الزيادة في الطاقة الإنتاجية المقررة من حقل تمار، ستكون مخصصة للسوق المحلية، ومن المتوقع أن توفر ما بين 15-25% من الاستهلاك الحالي للغاز الطبيعي في إسرائيل، وفي حالات الطوارئ، سيكون من الممكن تحويل كل الإنتاج الإضافي لاستخدام الاقتصاد المحلي.
وأضافت غوروديسكي أن التصدير يتيح توسيع الإنتاج، ويدر إيرادات بمليارات الدولارات، كما “يعزز علاقات الطاقة مع مصر ودول المنطقة، مما يعزز مكانة إسرائيل السياسية والجيوسياسية”.