في السنوات الأخيرة أصبح التطوع المؤسساتي جزء لا يتجزأ من نشاط وعمل الشركات والمصالح الكبيرة في البلاد. وبما يتلاءم مع التوجهات المتبعة في العالم، فان المزيد من الشركات والمصالح في البلاد يدركون ان العمل لصالح البيئة والمجتمع، يساهم بشكل مباشر في زيادة الأرباح وان على الشركات والمصالح تبنّي برامج تطوع للعاملين في مصلحتهم وشركتهم في إطار استراتيجية المسؤولية المؤسساتية.
هذا ويتضح من خلال شركة الاستشارة الاقتصادية المالية دلويت ان عاملين اثنين من بين 3 من مواليد سنوات الثمانين أعربوا عن استعدادهما في التطوع من خلال تقديم خبرتهما ومعرفتهما لآخرين. وفي استطلاع آخر اجري في هذا السياق في العام 2020 يتضح منه ان 83% من العاملين من مواليد عام الـ 2000 افادوا ان التزام الشركة تجاه قيم التنوع والاحتواء يعتبر عامل مهم في اختيار مكان العمل. الشركة التي تتبنى برنامج تطوع وتشجع العاملين فيها لأخذ الدور والتبرع من خبراتهم ومعرفتهم للآخرين، تربح من خلال الحفاظ على عمالها اولا، وأيضا من خلال تعزيز المهارات في الشركة.
اما عن الفائدة الثانية التي تصب في صالح الشركة التجارية فأظهر الاستطلاع ان تطوع العمال يعزز مشاركة العمال والاكتفاء الذاتي لديهم من مكان العمل. فكلما كان برنامج التطوع للشركة يتلاءم مع قيمها، هكذا يشعر العمال أيضا بالالتزام والاكتفاء الذاتي من مكان العمل. كما يساهم التطوع المؤسساتي أيضا في تجنيد مستثمرين، خاصة ان المزيد من المستثمرين حول العالم يشترطون الاستثمار في شركات ومصالح تأخذ بعين الاعتبار المساهمة البيئية والمجتمعية، اذ ان الشركات والمصالح تُقاس من خلال عوامل المسؤولية المجتمعية والبيئية ليس فقط على مستوى العمال والزبائن انما أيضا على مستوى المستثمرين
وقال عيدو لوطان مدير عام جمعية الروح الطيبة من مجموعة أريسون حول التطوع المؤسساتي:” تعمل جمعية الروح الطيبة منذ أكثر من 20 عاما في تعزيز وتشجيع قيم التطوع في البلاد وتوثيق التواصل ما بين المتطوعين من جهة وبين الجمعيات من جهة أخرى من خلال طرق شتى وفي جميع المجالات والقطاعات. في السنوات الأخيرة قمنا بتطوير نموذج التطوع المؤسساتي الخاص، الذي يُتيح للشركات التجارية في بناء برنامج تطوع سنوي للعاملين من خلال جمعية الروح الطيبة، هذا البرنامج الذي يتلاءم مع قيم وتوجهات العمال وطبيعة وأسلوب عملهم. كل برنامج تطوعي مؤسساتي من هذا القبيل يستند الى اهداف يمكن ترجمتها الى معطيات يمكن قياسها وتوثيقها”.
وعن العلاقة ما بين التطوع وازدهار الشركة قال لوطان:” في العام 2019 قمنا بتطوير آلية تعنى بقياس الأثر التطوعي الأول من نوعه بالتعاون مع شركة دلويت. هذا النموذج يهدف الى قياس الفائدة للشركة التجارية نتيجة البرنامج التطوعي المؤسساتي. ومن خلال معطيات هذا النموذج يتضح ان العمال العاملين في الشركات التي تتضمن برامج تطوع مؤسساتية سنوية لجمعية الروح الطيبة، تشهد زيادة في إنتاجية العمال بنسبة 16%. ويتضح أيضا من خلال هذا المقياس الحصري على ارتفاع بالاكتفاء الذاتي للعاملين في هذه الشرك والمصالح التجارية بنسبة 21%، وزيادة في ترسيخ مكانة الشركة بنسبة 205، ارتفاع حتى 45% بزيادة التزام العاملين تجاه الشركة ومكان العمل، انخفاض بنسبة 50% بميول العمال لترك مكان العمل وارتفاع حتى 42% بصورة الشركة المتعلقة بالمسؤولية المؤسساتية تجاه المجتمع”.
واختتم لوطان حديثه وقال:” ان برنامج تطوع العمال يجب ان يكون أداة مركزية من مجمل الأدوات ذات المسؤولية المؤسساتية في كل شركة. انه يستند على المورد البشري، الذي يعتبر الأهم على الاطلاق. من خلال التطوع، بالإمكان تعزيز العمال وتوفير حيز لهم لصنع الخير من أجل المجتمع من خلال تعزيز البيئة التي يعملون بها. التطوع المتناسب، المنظم والمدروس، الذي يستند الى اهداف يمكن قياسها، ويتلاءم مع قيم الشركة، يدر الفائدة للشركة التجارية، بموازاة الأرباح المالية”.