اقتحمت الشرطة الإسرائيلية، اليوم، قرية العراقيب بالنقب، وهدمت السلطات خيام الأهالي للمرة 221 على التوالي على الرغم من أحوال الطقس الحارة.
هدمت السلطات الإسرائيلية بحماية قوات من الشرطة والوحدات التابعة لها، صباح اليوم الإثنين، خيام سكان قرية العراقيب مسلوبة الاعتراف والمهددة بالاقتلاع والتهجير في منطقة النقب، جنوبي البلاد، للمرة الـ221 على التوالي، منذ هدمها أول مرة يوم 27 تموز/ يوليو 2010، على الرغم من أحوال الطقس الحارة.
وهدمت السلطات الإسرائيلية مساكن القرية المبنية من الخشب والبلاستيك والصفيح آخر مرة يوم 15 آب/ أغسطس الماضي، علما بأن أول عملية هدم استهدفت القرية كانت في تموز/ يوليو 2010.
وهذه المرة العاشرة التي تهدم فيها السلطات الإسرائيلية خيام ومساكن أهالي العراقيب منذ مطلع العام الجاري، بعد أن هدمتها 15 مرة في العام الماضي 2022، و14 مرة في العام قبل الماضي 2021.
وقال رئيس اللجنة الشعبية للدفاع عن العراقيب، أحمد خليل أبو مديغم، لـ”عرب 48″ إن “العراقيب تعاني من ممارسات الحكومة الإسرائيلية. قوات الخراب من دائرة أراضي إسرائيل وعن طريق وحدة يوآف الشرطية العنصرية هدمت بيوت العراقيب للمرة 221، منذ 27/7/2010 بمعدل 16 – 17 مرة سنويا”.
وأكد أنه “سنبقى أوفياء لوطنا وأرضنا ومقدساتنا الإسلامية، ونواصل النضال في مسارات شعبية وقضائية، ولن نتنازل عن حقنا الشرعي بارضنا في العراقيب”.
وقال ابن العراقيب، عزيز صياح الطوري، لـ”عرب 48″ إن “ما حدث هو مواصلة جرائم هدم العراقيب بهدف اقتلاع وتهجير الأهالي، إذ اقتحمت السلطات الإسرائيلية والشرطة والقوات الخاصة التابعة لها والمدججة بالسلاح القرية، وهدمت الخيام”.
ويصر الأهالي في العراقيب على البقاء والتشبث بأرضهم ويعيدون نصب خيامهم من جديد كل مرة من أخشاب وغطاء من النايلون لحمايتهم من الحر الشديد في الصيف والبرد القارس في الشتاء، وتصديا لمخططات اقتلاعهم وتهجيرهم من أرضهم.
وتواصل السلطات الإسرائيلية هدم العراقيب منذ العام 2010 في محاولاتها المتكررة لدفع أهالي القرية للإحباط واليأس وتهجيرهم من أراضيهم.
ويشكو أهالي العراقيب من أن وحدة “يوآف” الشرطية التابعة لما تسمى “سلطة تطوير النقب” المسؤولة عن تنفيذ عمليات هدم المنازل في البلدات العربية بالنقب، وما تسمى “دائرة أراضي إسرائيل” تواصل اقتحام القرية واستطلاع أوضاعها بصورة استفزازية ثم تهدم مساكنها المتواضعة وتشرد الأطفال والنساء والمسنين.
ويؤكد أهالي العراقيب أن ممارسات السلطات الإسرائيلية واستمرارها بهدم مساكن أهالي القرية، “لن تثنينا عن البقاء والصمود على أرض الآباء والأجداد”، ودعوا الجماهير العربية وكافة الأحرار إلى “التحرك لإسناد العراقيب والوقوف إلى جانب أهلها أمام مخططات الاقتلاع والتهجير”.
تضييقات وملاحقات
تلاحق السلطات أهالي العراقيب بعدة أساليب وطرق بينها حبس الشيخ صياح الطوري وعدد من أولاده وأحفاده، بالإضافة إلى الناشط سليم الطوري وآخرين، بعدة تهم بذريعة البناء دون ترخيص وادعاء “الاستيلاء على أراضي الدولة”. وفرضت السلطات غرامات باهظة على أهالي العراقيب وتواصل سياسات وممارسات التضييق والملاحقات والاعتقالات.
وترفض السلطات الإسرائيلية الاعتراف بحق ملكيتهم للأرض وتضيّق عليهم بهدف دفعهم إلى الهجرة القسرية من خلال هدم القرية، وكذلك تجريف المحاصيل الزراعية ومنعهم من المراعي وتربية المواشي، واقترحت “تسوية” عليهم سابقا تقضي بتخصيص قسيمة أرض بمساحة نصف دونم لكل عائلة، ودفع 2500 شيكل تعويضا مقابل الدونم الواحد.
بقاء وصمود 22 عائلة في العراقيب
تبقى في قرية العراقيب 22 عائلة، عدد أفرادها نحو 86 نسمة، يعتاشون من تربية المواشي والزراعة الصحراوية، وتمكن السكان في سبعينيات القرن الماضي وحسب قوانين وشروط السلطات الإسرائيلية من إثبات حقهم بملكية 1250 دونما من أصل آلاف الدونمات من الأرض.
بالإضافة إلى العراقيب، تقارع القرى العربية مسلوبة الاعتراف في منطقة النقب، مخططات الاقتلاع والتهجير المفروضة عليها بشكل يومي. ويدرك العرب الفلسطينيون في النقب أن الهدف من التضييق عليهم وملاحقتهم تحت غطاء القضاء الإسرائيلي بحجة “البناء غير المرخص” هو الإجهاز على دعاوى الملكية لأراضيهم والسيطرة على الوجود العربي في النقب.
وفي سياق متصل، شهدت بلدات عربية تصعيدا في هدم المنازل والمحال التجارية والورش الصناعية بذريعة عدم الترخيص كما حصل في عكا والناصرة وعين ماهل ويافا وشفاعمرو وكفر قاسم وقلنسوة وكفر ياسيف وعرعرة وأم الفحم واللد ويافا وسخنين وحرفيش وقرى عربية في منطقة النقب وغيرها.
300 ألف فلسطيني في النقب يعانون التمييز والعنصرية
يعيش نحو 300 ألف عربي فلسطيني في منطقة النقب، يعانون التمييز الصارخ في حقوقهم الأساسية في مجالات السكن والتربية والتعليم والأجور والتوظيف وغيرها.
وتشهد القرى العربية مسلوبة الاعتراف في النقب، كارثة إنسانية بكل ما تعني الكلمة، إذ تُحرم هذه البلدات من أبسط مقومات الحياة بفعل سياسات وممارسات الظلم والإجحاف والتقصير من قبل الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة بحق السكان هناك لا لشيء إلا لأنهم عرب أصروا على التمسك بأرضهم رافضين مخططات الاقتلاع والتهجير عن أرض النقب.
ويُعد المجتمع العربي في النقب، اليوم، أكثر من ثلث سكان المنطقة في حين أن المجتمع اليهودي في المنطقة ازداد بشكل كبير في أعقاب تنفيذ مخططات تهويد النقب.
وحسب تقديرات مركز الإحصاء الإسرائيلي فإن 28% من العرب في النقب يسكنون في قرى مسلوبة الاعتراف إسرائيليا، لغاية اليوم. وعلى الرغم ذلك، فإنه بين 144 بلدة قائمة في النقب، دون المزارع الفردية (اليهودية في معظمها) توجد 18 قرية عربية أي نسبة %15 من البلدات في النقب فقط.
ويظهر الفصل في السكن بشكل شبه تام بين المجتمع اليهودي والمجتمع العربي، إضافة للتمييز في السكن في مسح أوضاع السكن في القرى العربية بكل أشكالها والبلدات والتجمعات اليهودية في النقب.