قال خبراء صندوق النقد الدولي، إن آفاق الاقتصاد الفلسطيني قاتمة وسط تقلبات الوضع السياسي والأمني، واستمرار مخاطر التطورات السلبية.
جاء ذلك في ختام فريق من خبراء الصندوق زيارته إلى فلسطين بقيادة كيرستين غيرينغ لتقييم التطورات الاقتصادية الأخيرة.
وتابع اقتصاد صدى نتائج لقاءات بعثة خبراء صندوق النقد الدولي، مع عدد المسؤولين الفلسطينيين في الفريق الاقتصادي في مقدمتهم رئيس الحكومة الفلسطينية محمد اشتية، وكذلك اللقاءات بمسؤولين إسرائيليين وممثلين من القطاع الخاص الفلسطيني ومجتمع المانحين والمنظمات الدولية.
ودعا الخبراء إلى وقف الاقتطاعات الإسرائيلية لأموال المقاصة، وتخفيف القيود الحادة المفروضة على الاقتصاد وزيادة المساعدات الدولية وإلغاء رسوم المناولة (جباية) على الوقود تماما، وربطها على المنتجات الأخرى بالتكلفة الفعلية، وتحويل إيرادات الضريبة على الأنشطة الاقتصادية في المنطقة المسماة (ج) إلى السلطة الفلسطينية.
وشدد الخبراء على ضرورة تخفيف القيود التي تفرضها إسرائيل على الحركة والدخول والاستثمار بما في ذلك في المنطقة المسماة (ج) وفتح قطاع غزة حتى يتم تعزيز النمو الاقتصادي وتحسين مستويات التوظيف والدخل الحقيقي في فلسطين.
ودعت البعثة إلى ضرورة تحويل حصة السلطة الفلسطينية من رسوم العبور على جسر الكرامة، وكذلك نقل السلطة الجمركية، كما يتعين تحقيق المزيد من النتائج الملموسة في عدد من الملفات المالية القائمة الأخرى على غرار الإجراءات التشريعية الإسرائيلية التي تنص على تطبيق ضريبة القيمة المضافة الإلكترونية على التجار الإسرائيليين.
وتحتجز إسرائيل نحو مليار شيكل من أموال ضريبة المغادرة المتراكمة منذ العام 2008، بموجب اتفاق بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، والتي ارتفعت مع بداية العام الجاري من 158 إلى 165 شيقلا .
وتوقع الخبراء تراجع نمو الاقتصاد خلال العام الجاري إلى 3.0 % هبوطا من 3.9 % في العام 2022، والذي سجل انخفاضا بمعدل النصف مقارنة مع العام 2021 الذي شهد انتعاشا بعد انتهاء الجائحة الصحية.
وتشير التوقعات إلى انخفاض نصيب الفرد من الدخل تدريجيا على المدى المتوسط وسط استمرار اتساع الفجوة الكبيرة بالفعل في مستويات المعيشة بين الضفة الغربية وغزة.
ويتوقع الخبراء أن يصل التضخم إلى 3.2 % و2 % على المدى المتوسط، مبينا أن التضخم يتراجع بفعل استمرار ضعف النشاط وانخفاض الأسعار الدولية للسلع الأولية، وأن الارتفاع المزمن في معدلات البطالة والفقر يؤدي إلى تفاقم مواطن الهشاشة والتوترات الاجتماعية. “
وحذرت البعثة من استمرار الأزمة المالية نتيجة زيارته الاقتطاعات الإسرائيلية من إيرادات المقاصة واستمرار ضعف الدعم المقدم من المجتمع الدولي في النصف الأول من العام الجاري، الأمر الذي سيحول دون تقديم الخدمات الحكومية الأساسية في ظل سياسات غير متغيرة على نطاق واسع.
وأشاد الخبراء باستمرار الأداء القوي لوزارة المالية على جانب الإيرادات في بيئة اجتماعية- اقتصادية مفعمة بالتحديات، داعيا إلى تنفذ سياسات تصحيحية ملموسة للحد من الدين العام الذي يبقى عبئا لا يمكن تحمله على الرغم من قيام الحكومة بالحد من الاقتراض المصرفي، يتواصل تراكم المتأخرات.
ونوه الخبراء إلى بوادر أولية مستجدة على تراجع جودة الأصول، الأمر الذي يتعين مواصلة توخي الحذر إزاء ارتفاع أسعار الفائدة وتراكم المتأخرات المحلية على السلطة الفلسطينية.
وقال الخبراء:” لا يزال القطاع المصرفي متمتعا بالصلابة إلى حد كبير بفضل كفاية رأس المال واحتياطيات السيولة على مستوى الجهاز برمته، وتواصل سلطة النقد الفلسطينية قيادة الجهود من أجل تعزيز إطار مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب”.
وأضاف: “أحرزت سلطة النقد الفلسطينية تقدما ملحوظا نحو تعزيز أدوات الاستقرار المالي، وعليها مواصلة العمل على سد الفجوات المتبقية في إطارها الرقابي القائم على المخاطر.
وشدد الخبراء على أن زيادة النمو الاقتصادي يتطلب تنسيق الجهود من جانب السلطة الفلسطينية وإسرائيل والمجتمع الدولي.
ودعا الخبراء سلطة النقد إلى مواصلة جهودها نحو تفعيل مجموعة جديدة من ترتيبات المراسلة المصرفية طويلة الأجل وإيجاد حلول لفائض النقد بالشيكل الإسرائيلي في الجهاز المصرفي الفلسطيني، بالتعاون مع (البنك المركزي الإسرائيلي) وغيره من السلطات والكيانات المعنية في إسرائيل.
وشدد خبراء البنك الدولي على أن تعجيل وتيرة النمو الفلسطيني يتطلب مواصلة العمل على تحسين مناخ الأعمال، ودفع مسيرة التحول الرقمي للاقتصاد، وزيادة مشروعات البنية التحتية الحيوية في قطاع الطاقة.
وجدد الخبراء تأكيدهم على أن زيادة المنح المقدمة من مجتمع المانحين ستتيح توفير الدعم اللازم وتسهيل جهود الإصلاح التي تقوم بها السلطة الفلسطينية، وبالتالي استمرار الضبط المالي وتخفيف الأعباء عن أكثر الفئات ضعفا.”
ودعا الخبراء إلى ضرورة إجراء إصلاحات عميقة على مستوى السياسات لاستعادة الاستدامة المالية وإتاحة الموارد اللازمة لأغراض التنمية والإنفاق الاجتماعي.
واعتبر الخبراء أن إصلاح فاتورة أجور القطاع العام وإجراء المزيد من الإصلاحات على جانب صافي الإقراض، وإصلاح نظام المعاشات التقاعدية العامة للموازنة بما في ذلك على مستوى الحكومة المحلية، بالإضافة للإنفاق الصحي.
وأشار فريق الخبراء إلى أن الزيادات الكبيرة في الأجور التي تم التفاوض بشأنها في مطلع عام 2023 عقب الإضرابات المطولة تمثل خطوة في الاتجاه المعاكس، وستؤدي إلى تدهور الموارد العامة.