يمتدّ تأثير “وي تشات” إلى عالم الأعمال، حيث أتاحت ميزاته الفريدة استراتيجيّات تسويقيّة مبتكرة، وتسمح الحسابات الرسميّة على التطبيق للشركات بالتفاعل مع العملاء مباشرة، ومشاركة المحتوى الترويجيّ، وتحديثات المنتج، وحتّى خدمة العملاء.
بعد استحواذ إيلون ماسك في تشرين ثاني/ نوفمبر الماضي على تطبيق تويتر مقابل 44 مليار دولار، توقّع عدد من الخبراء في مواقع التواصل الاجتماعيّ، سعي ماسك إلى تحويل التطبيق الشهير إلى “تطبيق كلّ شيء”، وهو ما أعرب عنه الملياردير الأميركيّ لاحقًا، مع قيامه بتغيير شعار التطبيق إلى “إكس”، والبدء بالحديث عن “تطبيق كلّ شيء” وتحويله إلى جزء لا يتجزّأ من الحياة اليوميّة لملايين المستخدمين.
وأشار خبراء إلى سعي ماسك إلى تحويل “تويتر” إلى تطبيق يشبه في مبناه تطبيق “وي تشات” الصينيّ، إلى تطبيق لا يمكن الاستغناء عنه.
ونشأ تطبيق “وي تشات” في الأصل ليكون تطبيقًا للمراسلة، ويتنافس بشكل مباشر مع تطبيقات مثل “مسنجر” و”واتساب”، حيث سمحت وظيفتها الأساسيّة للمستخدمين بإرسال الرسائل النصّيّة والرسائل الصوتيّة والصور ومقاطع الفيديو إلى جهات الاتّصال الخاصّة بهم، ومع ذلك، سرعان ما ميّز التطبيق نفسه من خلال دمج ميزات إضافيّة مثل مكالمات الصوت والفيديو، ممّا يجعله أداة اتّصال شاملة، وسرعان ما تحوّل إلى “تطبيق فائق”، ويشير هذا المصطلح إلى تطبيق يشمل نطاقًا واسعًا من الوظائف بما يتجاوز غرضه الأصليّ، حيث أدرك القائمون على التطبيق، بذكاء إمكانيّة دمج الخدمات المختلفة لإنشاء نظام بيئيّ يلبّي كلّ جانب من جوانب حياة المستخدم تقريبًا، ومن الشبكات الاجتماعيّة إلى الترفيه، ومن التمويل إلى التجارة الإلكترونيّة، يقدّم “وي تشات” في الصين حلًّا شاملًا للعديد من الاحتياجات اليوميّة.
وتعوّد حالة “التطبيق الفائق” لـ”وي تشات” إلى مجموعتها الواسعة من الخدمات المتكاملة، حيث يمكن للمستخدمين الوصول بسهولة إلى خدمات مثل وسائل النقل، مثل حجز سيّارات الأجرة أو خدمات مشاركة الرحلات، وتوصيل الطعام، وحجز التذاكر، وحتّى مواعيد الطبيب، ممّا جعله تطبيقًا لا يمكن الاستغناء عنه، وهو ما أثار الكثير من المخاوف من قدرة الشركة على الدخول في حيوات المواطنين في الصين إلى هذا القدر.
وأدّى تكامل “وي تشات باي”، وهي ميزة الحافظة الرقميّة، إلى تحويل التطبيق إلى منصّة قويّة للتجارة الإلكترونيّة، إذ يمكن للمستخدمين ربط حساباتهم المصرفيّة بـ”وي تشات باي” وإجراء الدفعات ببضع نقرات من خلال الهواتف، ولعبت هذه الوظيفة دورًا أساسيًّا في ظهور المعاملات غير النقديّة في الصين، حيث تتنافس “وي تشات باي” مباشرة مع “آلي باي” للسيطرة على سوق المدفوعات عبر الهاتف المحمول.
وأثّرت ميزات “وي تشات” بشكل كبير على طريقة تواصل الأشخاص وتفاعلهم، حيث أدّت سهولة مشاركة الوسائط المتعدّدة والتحديثات في الوقت الفعليّ إلى تغيير تفضيل الاتّصال الفوريّ على الطرق التقليديّة مثل رسائل البريد الإلكترونيّ والمكالمات الهاتفيّة، كما أضاف تضمين الملصقات والرموز التعبيريّة وملفّات GIF طبقة إضافيّة من التعبير إلى المحادثات.
وكذلك يمتدّ تأثير “وي تشات” إلى عالم الأعمال، حيث أتاحت ميزاته الفريدة استراتيجيّات تسويقيّة مبتكرة، وتسمح الحسابات الرسميّة على التطبيق للشركات بالتفاعل مع العملاء مباشرة، ومشاركة المحتوى الترويجيّ، وتحديثات المنتج، وحتّى خدمة العملاء، ويعزّز هذا الاتّصال المباشر العلاقة الشخصيّة بين العلامات التجاريّة والمستهلكين، ممّا يؤثّر بشكل كبير على قرارات الشراء.
وحسب خبراء، لم يكن انتشار “وي تشات” في كلّ مكان خاليًا من الجدل، إذ أثيرت مخاوف بشأن خصوصيّة البيانات، حيث يقوم “وي تشات” بجمع كمّيّات هائلة من المعلومات الشخصيّة لتقديم تجارب مخصّصة وإعلانات مستهدفة، بالإضافة إلى ذلك، أثارت ممارسات الرقابة والمراقبة الّتي تمارسها الحكومة الصينيّة نقاشات حول مدى مراقبة بيانات مستخدمي “وي تشات” والتحكّم فيها.
وعلى الرغم من أنّ قاعدة مستخدمي “وي تشات” الأساسيّة موجودة في الصين، إلّا أنّ تأثيرها ينتشر عالميًّا، ويتيح الإصدار الدوليّ للتطبيق للمستخدمين التواصل مع الأصدقاء ومشاركة التحديثات وإجراء الدفعات، ولكن، قد لا تكون بعض الميزات المخصّصة للسوق الصينيّة متاحة، ومع استمرار التطبيق في توسيع نطاق تواجدها العالميّ، فإنّها تواجه التحدّي المتمثّل في التكيّف مع الأعراف والتفضيلات الثقافيّة المتنوّعة.