قالت الباحثة في حقوق اللاجئين والمهاجرين في منظمة “هيومن رايتس ووتش”، نادية هاردمان، في تقرير صدر، الإثنين، إنّ “المسؤولين السعوديين يقتلون مئات من المهاجرين وطالبي اللجوء في هذه المنطقة الحدودية النائية، بعيدا عن أنظار باقي العالم”.
اتهمت منظمة “هيومن رايتس ووتش”، اليوم الإثنين، عناصر حرس الحدود السعودي، بإطلاق “النيران مثل المطر” واستخدام “أسلحة متفجرة”، لقتل مهاجرين إثيوبيين، كانوا يحاولون العبور من اليمن إلى السعودية، ما أودى بحياة المئات منهم، منذ العام الماضي.
وردّ مصدر حكومي سعودي على التقرير بأن الاتهامات “لا أساس لها”.
واتهم التقرير أيضا المتمردين الحوثيين في اليمن، بسوء معاملة المهاجرين، والتعامل مع مهربي بشر، لإبعادهم من مناطق سيطرتهم.
وقالت الباحثة في حقوق اللاجئين والمهاجرين في منظمة “هيومن رايتس ووتش”، نادية هاردمان، في تقرير صدر، الإثنين، إنّ “المسؤولين السعوديين يقتلون مئات من المهاجرين وطالبي اللجوء في هذه المنطقة الحدودية النائية، بعيدا عن أنظار باقي العالم”.
وأضافت أن “إنفاق المليارات على شراء محترفي غولف وأندية كرة قدم وفعاليات ترفيه ضخمة لتحسين صورة السعودية، لا ينبغي أن يصرف الانتباه عن هذه الجرائم الشنيعة”.
واستند تقرير المنظمة المكوّن من 73 صفحة إلى مقابلات أجريت مع 38 مهاجرا إثيوبيا، حاولوا العبور إلى السعودية من اليمن، وكذلك إلى صور التقطتها أقمار اصطناعية وصور ومقاطع فيديو نُشرت على مواقع التواصل الاجتماعي أو “تمّ جمعها من مصادر أخرى”.
وتحدّث 28 شخصا قابلتهم المنظمة عن استخدام “أسلحة متفجرة”، بما في ذلك قذائف الهاون.
وقال بعض الناجين إن النار أطلقت أحيانا من مسافة قريبة، وروى آخرون أن عناصر من حرس الحدود السعوديين، كانوا يطرحون سؤالا على إثيوبيين، مفاده “في أي طرف من أجسادهم يفضلون إطلاق النار عليهم”، وفق ما جاء في التقرير.
وأضافت المنظمة أن “وصف جميع من تمّت مقابلتهم مشاهد مروعة: نساء ورجال وأطفال متناثرون عبر المنطقة الجبلية (سواء) أصيبوا بجروح بالغة أو قطعت أوصالهم أو ماتوا بالفعل”.
وذكرت امرأة (20 عاما) من منطقة أوروميا الإثيوبية أنّ حرس الحدود السعوديين أطلقوا النار على مجموعة من المهاجرين كانوا قد أطلقوا سراحهم للتو من الحجز.
وقالت “أطلقوا النار علينا مثل المطر. حين أتذكّر، أبكي”.
وروت قائلة: “رأيت رجلا يطلب النجدة، فقد ساقيه. كان يصرخ ويقول: هل تتركني هنا؟ من فضلك لا تتركني. …لم نتمكن من مساعدته لأننا كنا نجري للنجاة بحياتنا”.
ووثّقت المنظمة التي تتخّذ من نيويورك مقرا انتهاكات ضد المهاجرين الإثيوبيين في السعودية واليمن خلال عقد من الزمن، لكنها قالت إن حوادث القتل الأخيرة تبدو “واسعة النطاق ومنهجية”، وقد ترقى لجرائم ضد الإنسانية، وفق قولها.
وردّا على التقرير، قال مصدر حكومي سعودي لوكالة فرانس برس “الادعاءات الواردة في تقرير هيومن رايتس ووتش (…) لا أساس لها ولا تستند إلى مصادر موثوقة”.
في المقابل، أكّد المتمردون الحوثيون في اليمن في بيان الاثنين أنّ لديهم “تفاصيل عديدة عن الجرائم التي ارتكبها حرس الحدود السعودي بحق المهاجرين الأفارقة”.
وأشاروا إلى “جريمة” وقعت في 13 تشرين الثاني/نوفمبر، في حقّ عشرات المهاجرين واللاجئين، واصفين إياها ب”المجزرة”.
لكن تقرير “هيومن رايتس ووتش” نقل عن مهاجرين اتهامهم الحوثيين بالتعامل مع مهربي بشر.
وأفاد مهاجرون وطالبو لجوء المنظمة أنهم “عبروا خليج عدن في سفن غير صالحة للإبحار لينقلهم المهربون اليمنيون بعدها إلى محافظة صعدة الخاضعة حاليا لسيطرة جماعة الحوثيين المسلحة، قرب الحدود السعودية”.
ونقل التقرير عن عدد من المهاجرين أن “قوات الحوثيين تعمل مع المهربين”، وأشاروا إلى أنّ “تلك القوات كانت تبتزهم أو تنقلهم إلى ما وصفوه بمراكز احتجاز يتعرضون فيها للانتهاكات حتى يدفعوا رسوم المغادرة”.
لكنّ الحوثيين اعتبروا الاتهام “غير واقعي وغير مقبول”، وأشاروا في ردّهم الذي جاء في 12 صفحة إلى أنّ جماعة “أنصار الله”، “لا تعمل مع المهربين أو المتاجرين بالبشر، بل تنظر إليهم باعتبارهم مجرمين”.
والعام الماضي، أشار خبراء في الأمم المتحدة إلى “مزاعم مقلقة”، بشأن “تسبّب القصف المدفعي عبر الحدود ونيران الأسلحة الصغيرة من قوات الأمن السعودية، بمقتل ما يقرب من 430 مهاجرا” في جنوب السعودية وشمال اليمن، خلال الأشهر الأربعة الأولى من عام 2022.
وفي 2015، شكّلت السعودية تحالفا عسكريا لدعم الحكومة اليمنية والتصدّي للحوثيين الذين سيطروا على العاصمة اليمنية صنعاء من الحكومة في العام السابق.
وتسبّبت حرب اليمن في ما تصفه الأمم المتحدة بواحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.
وقد يكون الكثير من الانتهاكات التي ذكرتها “هيومن رايتس ووتش” حدث خلال الهدنة التي بدأت في نيسان/ أبريل 2022 وصمدت إلى حدّ كبير رغم انتهاء مدّتها في تشرين الأول/ أكتوبر.
ودعت “هيومن رايتس ووتش” الرياض إلى “الإلغاء الفوري والعاجل” لاستخدام القوة المميتة ضد المهاجرين وطالبي اللجوء، وحثّت الأمم المتحدة على التحقيق في عمليات القتل المزعومة.
وقالت هاردمان “كان حرس الحدود السعوديون يعرفون، أو كان ينبغي لهم أن يعرفوا، أنهم يطلقون النار على مدنيين عُزّل”.
وتابعت: “ما لم تتحقّق العدالة بشأن ما يبدو أنها جرائم خطيرة ضد المهاجرين وطالبي اللجوء الإثيوبيين، فلن يؤدي ذلك إلا إلى زيادة القتل والانتهاكات”.