أزمة التعليم في تونس… “التلميذ يبقى الضحيّة”

الكاتب العام لنقابة التعليم الأساسي: قرار إعفاء مدراء المدارس وتجميد الرواتب غير قانوني || رئيس جمعية أولياء التلاميذ: ترحيل الأزمة للسنة المقبلة يزيد من حدتها || وزير التربية يعِد أن تكون العودة المدرسية القادمة آمنة.

عرف قطاع التعليم في تونس أزمة غير مسبوقة، بين وزارة التربية ونقابة التعليم التابعة للاتحاد العام التونسي للشغل.

أزمة جاءت بعد احتجاجات متتالية نفذتها النقابة، بهدف تحقيق مطالب تتمثل في تحسين الوضعية المادية للمعلمين، وإلغاء التشغيل الهشّ بكافة أشكاله، مع إيجاد صيغة لتسوية الوضعيات المهنية لهم.

الأزمة وصلت إلى حد ما يُعرف محليا “بحجب الأعداد”، أي عدم تمكين الإدارة من نتائج الاختبارات، ما أدى بالوزارة إلى إعفاء 350 مدير مدرسة، وتجميد رواتب 17 ألف مدرس.

وأبقت النقابة على قرار حجب أعداد (علامات) الاختبارات والتقييمات النهائية طوال العام الدراسي، وحتى نهايته في حزيران/ يونيو الماضي، وأدى ذلك إلى احتجاجات متكررة من أولياء الطلبة.

ويحتج المدرسون من أجل زيادات مالية، وتقول النقابة إن الأجور ضعيفة، ولا تتناسب مع ارتفاع كلفة المعيشة وغلاء الأسعار.

واعتبر الكاتب العام للنقابة العامة للتعليم الأساسي، نبيل الهواشي، أن ما اتخذته الوزارة من قرارات في حق المدرسين، يعتبر غير مسبوق منذ الاستقلال (1956).

وقال الهواشي إن “قضيتنا ليست سياسية، وإنما مطالبنا اجتماعية بامتياز، تضمن كرامة المعلم”.

وأضاف أن “قرار إعفاء مدراء المدارس وحجز (تجميد صرف) الرواتب غير قانوني”.

وفي هذا الصدد، قال الهواشي: “سنواصل المعركة، وسنخوض كل الأشكال النضالية، وسنعتصم، وإن تطلب الأمر مقاطعة العودة المدرسية المقبلة”.

وحمّل مسؤولية أزمة قطاع التعليم الراهنة إلى وزير التربية محمد علي البوغديري، وبخاصة بعد “قرار الإعفاءات”.

ودعا الهواشي، الوزارة للتراجع “عن إجراءات العقاب الجماعي، التي تمس كرامة المعلم، والعودة إلى المفاوضات الجدّية والمسؤولة”.

من جهته، قال رئيس جمعية أولياء التلاميذ، رضا الزهروني، إن “أكبر متضرر من هذه الأزمة هو التلميذ، الذي لم يتلق تقييمات الاختبارات للثلاثي الأول والثاني والثالث، ما حرمه من معرفة مستوياته التعليمية والمعرفية”.

ويرى الزهروني، أن “قرار حجب الأعداد (علامات التلاميذ) انعكس على نتائج التلاميذ”.

وأشار إلى أن ذلك “تجسَّد في نتائج الامتحانات الرسمية (البكالوريا وامتحانات السنة السادسة والسنة التاسعة) والتي كانت ضعيفة جدا، كما انعكس ذلك على نفسيتهم أيضا”.

واعتبر الزرهوني أن “التلميذ يبقى الضحية”، متهما النقابة والوزارة “بالتلاعب بمستقبل آلاف التلاميذ”.

والحل الوحيد، برأيه “هو جلوس الطرف النقابي ووزارة التربية على طاولة الحوار، والعودة إلى التفاوض، لأن التصعيد لا يجدي نفعا”.

وحذر رئيس جمعية أولياء التلاميذ من أن “التصعيد من الطرفين، والمراهنة بالسنة الدراسية القادمة، أمر غير مقبول ومرفوض تماما”.

وأوضح أن “الجانب النقابي لديه مستحقات ومطالب مشروعة، لكن إمكانيات الدولة لا تسمح بذلك في الوقت الحالي”.

وأضاف أن “وزارة التربية لم تحسن إدارة هذه الأزمة، ما زاد في تفاقم الأمور”.

ويرى الزرهوني، أنه “كان بالإمكان احتواء الأزمة منذ بداية السنة الدراسية، وتطبيق هذه القرارات العقابية منذ الثلاثي الأول دون الانتظار إلى آخر السنة”.

وتابع: “لكن ترحيل هذه الأزمة للسنة الدراسية المقبلة سيزيد من حدتها”.

وتوقع الزرهوني، أن تكون السنة الدراسية المقبلة أكثر صعوبة، في حال “عدم حلحلة هذه الأزمة، واحتوائها خلال العطلة الصيفية، والجلوس على طاولة الحوار”.

من جانبه، طمأن وزير التربية، في تصريحات إعلامية، أولياء التلاميذ بخصوص العودة المدرسية القادمة، قائلا: “ستكون العودة المدرسية القادمة آمنة، وسنحرص على أن نمكن كل تلميذ من قسمه ومُدرسه”.

وأضاف البوغديري، أن “الإشكال لا يرتقي إلى مستوى الأزمة، وأغلب المعلمين استجابوا لنداء الواجب، وأكثر من 60 ألف معلم ومعلمة سلموا الأعداد (علامات التلاميذ) وبطاقات الأعداد، وتجاوزنا الأزمة”.

وتابع: “ومن يتحدث عن غير ذلك ليس له التمثيلية الكافية بأن يتحدث باسم المعلمين، الذين استجابوا للنداءات التربوية والوطنية”.

وشهدت السنة الدراسية الماضية منذ بدايتها في أيلول/ سبتمبر 2022، أزمة بين وزارة التربية ونقابة التعليم، تعثرت خلالها المفاوضات بين الجانبين.

Exit mobile version