ثُلث دخل الحريديين مصدره مخصصات تدفعها الدولة ودعم مالي من جهات عدة لطلاب الييشيفوت (معاهد تدريس التوراة)، وفي حال دخول الحريدي إلى سوق العمل فإنه يفقد ثلثي مبلغ المنافع والامتيازات التي يحصل عليها.
تشير معطيات دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية، للعام 2020، إلى أن المجتمع الحريدي هو الأكثر فقرا في إسرائيل، حيث معدل دخل الأسرة الحريدية يعادل 60%، أي 13.6 ألف شيكل شهريا، من دخل الأسرة اليهودية العلمانية الذي يبلغ 22.2 ألف شيكل.
ويتبين أن ثلث دخل الحريديين مصدره مخصصات تدفعها الدولة ودعم مالي من جهات عدة، بينما هذه المصادر تشكل أقل من 10% من دخل الأسر اليهودية العلمانية، وفق تقرير نشرته صحيفة “ذي ماركر” اليوم، الخميس. والدعم المالي الذي يحصل عليه الحريديون من مصدر لا تشكل الدولة أحدها لا يتم إخضاعه للضرائب، ولذلك يوصف بـ”المال الأسود”.
ورغم نسبة الفقر المرتفعة لدى الحريديين، إلا أنهم أكثر فئة تتملك شققا حيث قرابة 70% في هذا المجتمع يتملكون شققا، مقابل 58.4% بين اليهود العلمانيين. ورغم أن أسعار شقق الحريديين منخفضة نسبيا، لكن أقساط تسديد قروض الإسكان قريبة من تلك التي يدفعها العلمانيون: 1470 شيكل شهريا مقابل 1735 شيكل.
ويتعين على الأسرى التي تحصل على قرض إسكان أن تقدم إلى البنك وثائق رسمية حول مستوى دخلها الشهري، بينما البنوك الإسرائيلية تمنح تسهيلات في قروض الإسكان للأسر الحريدية، وتستند إلى تقارير يقدمها مسؤولون في المجتمع الحريدي، مثل قضاة في المحاكم الدينية.
ولا ترى البنوك وجود مشكلة في ذلك، وتفيد بأن نسبة الذين يفقدون القدرة على تسديد هذه القروض متدنية قياسا بنسبها بين مجمل السكان. ووضع البنك المركزي الإسرائيلي أنظمة بشأن إدارة المخاطر المصرفية وأعلن أنه مطلع على تعامل البنوك مع إقراض الحريديين.
وأشارت الصحيفة إلى أن المسألة لا تتعلق بإدارة هذه المخاطر المصرفية، وإنما “بكيفية سماح الجهاز المالي باستخدام ما يبدو أنه رأسمال أسود لتسديد قروض الإسكان” في المجتمع الحريدي.
وهناك عدة أنواع دخل لدى الحريديين. والدخل الأساسي والأدنى هو الهبة التي يحصل عليها الطالب في الييشيفاة (معهد تدريس التوراة)، بمبلغ 1300 شيكل، وإلى جانبها هبات متنوعة مصدرها تبرعات ويمكن أن يصل مبلغها إلى عدة آلاف شواكل، وعلى ما يبدو أن هذا المبلغ لا يصل إلى السقف الملزم بدفع ضرائب.
ووفقا للصحيفة، فإن المشكلة المركزية في الهبات لطلاب الييشيفوت هي أنها تشكل ثغرة واسعة لدفع رواتب مرفعة للعديد من المسؤولين في الييشيفوت، لكنها تُسجل في حالات كثيرة أنها هبات تعليمية ولذلك لا تكون ملزمة بدفع ضريبة.
وبسبب عدم تقديم تقارير حول قسم من الرواتب، فإن الحريديين يستفيدون من إعفاءات في الضريبة البلدية (الأرنونا) وتسديد رسوم خدمات أخرى، مثل روضات الأطفال.
وأظهرت دراسة أجراها جناح كبيرة الاقتصاديين في وزارة المالية، عام 2019، أن الرجل الحريدي الذي يخرج إلى العمل يفقد منافع شخصية وامتيازات بقيمة ثلثي حجم الدخل، بينما غير الحريدي يفقد ثلث دخله، ما يعني أن حجم المنافع يشكل محفزا سلبيا على العمل.
وأشارت الصحيفة إلى أن الدولة لا تفعل أي شيء من أجل فحص حجم رأس المال الأسود في المجتمع الحريدي، ولا تطبق القانون. وتشكلت العام الماضي لجنة حكومية لفحص رأس المال الأسود برئاسة مدير عام وزارة المالية السابق، رام بلينكوف.
وجاء في أحد هوامش تقرير اللجنة أن رأس المال الأسود منتشر في المجتمعين العربي والحريدي. لكن المجتمع الحريدي لم يكن حاضرا في مداولات وبروتوكولات اللجنة، بينما سلطة حماية رأس المال ومصلحة الضرائب والشرطة ركزوا على المجتمع العربي فقط، وذلك رغم أن عمل اللجنة جرى خلال ولاية الحكومة السابقة التي لم يكن الحريديون جزءا منها وإنما في المعارضة. وبذلك تسمح السلطات للمجتمع الحريدي بالعمل كأنه اقتصاد مستقل.