الأمين العام للأمم المتحدة دعا في كلمة في افتتاح القمة التي نظمها الاتحاد الدولي للاتصالات في جنيف، إلى وضع ضوابط للذكاء الاصطناعي من أجل المنفعة العامة. وكانت القمة فرصة للحوار بشأن تحقيق هذا الهدف ودعم الاستخدام “الآمن والمسؤول” للذكاء الاصطناعي، كما قال رئيس قسم لجان الدراسات بقطاع التقييس بالاتحاد الدولي للاتصالات، بلال جاموسي في حوار مع أخبار الأمم المتحدة.
وتحدث المسؤول في الاتحاد الدولي للاتصالات أيضا عن الفوائد الكبيرة التي يمكن أن يقدمها الذكاء الاصطناعي في مجالات عدة وعلى رأسها الرعاية الصحية.
بدأنا حوارنا مع بلال جاموسي بسؤاله عن أهم المحطات والمشاهد في القمة العالمية للذكاء الاصطناعي من أجل الصالح العام.
بلال جاموسي: القمة هي المنصة الرئيسية للأمم المتحدة للذكاء الاصطناعي ينظمها الاتحاد الدولي للاتصالات، وهو وكالة الأمم المتحدة المختصة في تكنولوجيا المعلومات والاتصال. قمة الذكاء الاصطناعي للصالح العام تتم بالتعاون مع أربعين وكالة شريكة من وكالات الأمم المتحدة. وتشارك الحكومة السويسرية في عقد هذه القمة. الهدف من هذه القمة هو تحديد التطبيقات العملية للذكاء الاصطناعي لتسريع التقدم نحو أهـداف التنمية المستدامة.
نحن نربط المبتكرين في قطاع الذكاء الاصطناعي بصناع القرار في القطاعين العام والخاص للمساعدة في تطوير حلول بشأن الذكاء الاصطناعي على المستوى العالمي. وكانت هناك أيضا مناقشات حول الحوكمة العالمية والأطر والضمانات الممكنة التي يمكن وضعها لدعم الذكاء الاصطناعي الآمن والمسؤول. وتم النقاش حول هذا الموضوع خلال مائدتين مستديرتين رفيعتي المستوى.
وفر هذا الحوار فرصة للنقاش والحديث في الحوكمة في هذا النطاق الجديد لأن الذكاء الاصطناعي يجلب عددا من المشاكل المعقدة، ولكنه يقدم أيضا فوائد كبيرة في مجال الرعاية الصحية والتدريب والتعليم.
أخبار الأمم المتحدة: تحدثت الأمينة العامة للاتحاد الدولي للاتصالات عن سيناريو مثالي إذا تم جني إمكانات الذكاء الاصطناعي، وذكرتَ في كلامك الفوائد الكبيرة التي يمكن أن تحققها هذه التكنولوجيا في عدد من المجالات، فهل تطلعنا أكثر على الطفرة التي يمكن أن يصنعها الذكاء الاصطناعي في مختلف المجالات؟
بلال جاموسي: السيناريو الأمثل هو أن يكون الذكاء الاصطناعي في خدمة كل الدول بدون استثناء وأن يكون استعماله لحل المشاكل وتحسين مستوى العيش والمستوى الاقتصادي في كل الدول. وبعض الأمثلة الحقيقية في هذا المجال، الذكاء الاصطناعي في قطاع الصحة. فإضافة إلى القمة التي تُعقد كل سنة، هناك فرق مختصة تعمل على التقييس بالنسبة للصحة واستعمال الذكاء الاصطناعي في الصحة على سبيل المثال.
وفي قمة 2018، قامت منظمة الصحة العالمية بالتعاون مع الاتحاد الدولي للاتصالات بتشكيل فريق مختص يضم أطباء وأخصائيين في المجال الرقمي لدراسة استعمال الذكاء الاصطناعي في الصحة. وقام المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، الدكتور تيدروس أدهانوم غيبريسوس وكذلك الأمينة العامة للاتحاد الدولي للاتصالات، دورين بوغدان-مارتن، والأمين العام المساعد للمنظمة العالمية للملكية الفكرية (وايبو)، بتدشين مبادرة عالمية لاستعمال الذكاء الاصطناعي في قطاع الصحة.
فهذا الموضوع مهم جدا، لأنه اليوم هناك نقص يقدر بـ 18 مليون عامل في قطاع الصحة حول العالم، فهنا يلعب الذكاء الاصطناعي دورا مهما جدا لتقديم الخدمات إلى المستخدم عن طريق الهاتف الجوال الذكي. فهذا مثال عملي ومباشر لكيفية مشاركة الذكاء الاصطناعي بصورة مباشرة في هدف التنمية المستدامة المتعلق بالصحة الجيدة والرفاه.
المثال الثاني هو استعمال الذكاء الاصطناعي في القطاع الفلاحي، أما المثال الثالث فيتعلق بسلامة الطرقات واستعمال الذكاء الاصطناعي لتقليل عدد الحوادث. أما المجال الآخر الذي يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي فيه، فهو بالنسبة للكوارث الطبيعية، واستعمال الذكاء الاصطناعي لمعالجة والتنبؤ بالكوارث الطبيعية بسرعة.
أخبار الأمم المتحدة: هناك العديد من الروبوتات التي تحاكي البشر تم عرضها في القمة، كيف تعكس التقدم الذي طرأ على تقنيات الذكاء الاصطناعي والروبوتات المتطورة؟
بلال جاموسي: كان هناك في المؤتمر 40 روبوتا مختصا في جميع المجالات لاستعمال الذكاء الاصطناعي. هناك بعض الروبوتات التي يمكن أن تسبب مشكلة في مجال التشغيل، ولكن بعض الروبوتات مفيدة مثل استعمال الروبوتات في الكوارث الطبيعية والتي تساهم في حماية أرواح البشر وتجعل عملية الإسعاف أسرع، وتصل إلى أماكن لا يمكن للإنسان أن يصل إليها.
هناك روبوتات كذلك تساعد كبار السن وخاصة في الدول التي ليست لديها تركيبة عائلية قوية حيث يمكث العديد من كبار السن وحدهم في المنازل. وهذا الروبوت يطلق عليه اسم الروبوت الاجتماعي. وهناك روبوتات تستخدم في التدريس ومساعدة الأشخاص ذوي الإعاقة.
الذكاء الاصطناعي بصفة عامة يعوض الوظائف الروتينية، ولكن في نفس الوقت يخلق مجال شغل جديد في التصميم والتطوير واستعمال الذكاء الاصطناعي في مجالات جديدة وتطبيقات جديدة.
المهم أن تتمتع دول الجنوب بإمكانية أن يتعلم شبابها كيفية استعمال الذكاء الاصطناعي وطريقة جمع البيانات حتى تكون هناك قدرة للذكاء الاصطناعي على جمع البيانات. وهذه من المشاكل التي تحدثنا عنها في المؤتمر وناقشناها مع سفراء، العديد منهم من دول الجنوب. وقد تحدثوا عن طلبهم للاتحاد الدولي للاتصالات وعدد من وكالات الأمم المتحدة أن يتم تقديم تدريب وبناء قدرات بالنسبة لاستعمال الذكاء الاصطناعي لصانعي القرار ومنظمي قطاع الاتصالات وكذلك الجامعات وإدماج تعليم الذكاء الاصطناعي في أول سنوات الجامعة وحتى في المعاهد والمدارس الأساسية.
أخبار الأمم المتحدة: هناك الكثير من المخاوف أيضا بشأن خروج استخدام الذكاء الاصطناعي عن السيطرة، وما يعنيه هذا من سيناريوهات مقلقة، وخصوصا فيما يتعلق بنشر المعلومات المضللة والمخاوف، هل من سبيل لتجنب الانزلاق نحو تلك السيناريوهات؟
بلال جاموسي: أول أمر يجب اتباعه هو الشمول. يجب أن يكون هناك شمول من ناحية استعمال الذكاء الاصطناعي والولوج إلى البيانات والمعلومات التي تشكل أساسا للذكاء الاصطناعي. الأمر الثاني هو تفادي استعمال المعلومات المضللة، ومعالجة هذه الظاهرة الخطيرة بالنسبة للذكاء الاصطناعي. والأمر الثالث هو البيانات نفسها لأن القاعدة التقنية بالنسبة للذكاء الاصطناعي تعتمد على البيانات. فإذا كانت البيانات مغلوطة أو غير صحيحة فإن الإجابات والحلول التي يستخدمها الذكاء الاصطناعي ستكون خاطئة مثلما هي البيانات التي تم استعمالها. وهنا قال القطاع الخاص الذي كان مشاركا في القمة إنه ملزم بنفس الشفافية.