فنمنوعات
أخر الأخبار

مسلسل "عمليات خاصة".. دعاية أميركية جذبت الجمهور ونفرت النقاد

بدأ عرض المسلسل الأميركي “عمليات خاصة: ليونيس” (Special Ops: Lioness) يوم 23 يوليو/تموز الماضي على شاشة “باراماونت +”، والذي يتكون من 8 حلقات فقط، ويضم طاقمه عددا من الأسماء الكبيرة، على رأسهم نيكول كيدمان ومورغان فريمان وزوي سالدانا.

حقق المسلسل مشاهدات عالية للغاية، ليصبح أعلى عمل مشاهدة في أول 24 ساعة على منصة البث، وبعد 3 أيام من العرض، سجلت الحلقة الأولى ما يقارب 6 ملايين مشاهدة، ولكن على الجانب الآخر فشل المسلسل من الناحية النقدية وحقق معدل 53% فقط على موقع “روتن توماتوز”.

قصة تجمع بين الحقيقة والخيال

تدور أحداث مسلسل “عمليات خاصة: ليونيس” حول امرأة في صفوف المارينز بالجيش الأميركي تجندها وكالة المخابرات المركزية لمصادقة ابنة إرهابي سيئ السمعة، في محاولة لمنع احتمال وقوع أحداث مشابهة لـ11 سبتمبر/أيلول 2001. وتؤكد المواد التسويقية للمسلسل بشدة أنه “مستوحى من برنامج عسكري أميركي حقيقي”. لكن ما مدى واقعية هذه القصة؟

بالفعل أنشأ سلاح مشاة البحرية فريقا أطلق عليه اسم “ليونيس” للتعامل مع النساء اللواتي يمكن استخدامهن لشن هجمات إرهابية. وتبعا للسردية الأميركية، فإن تردد رجال المارينز في تفتيش النساء في العراق وأفغانستان، دفع الإرهابيين للاستعانة بالنساء في تنفيذ هجمات. وهكذا، تم إنشاء فرقة “ليونيس” لمنح سلاح مشاة البحرية وصولاً أقوى إلى المتورطات في مؤامرات إرهابية محتملة. ومع ذلك، يأخذ المسلسل هذه الفكرة إلى أبعد من ذلك بكثير، ويستكشف صعوبة تكوين اتصال بشري مع شخص يبدو أنه عدو.

وفقًا لتقرير صدر عن سلاح مشاة البحرية الأميركية، أثبتت فرقة “ليونيس” أنها ذات أهمية حيوية لعمليات “مكافحة الإرهاب” في العراق وأفغانستان. ففي كلتا الحربين، لم تكن هناك ساحة معركة رسمية، ويمكن أن تحدث الاشتباكات في أي مكان، مما يعني أن العسكريين يجب أن يكونوا مستعدين للهجوم في أي وقت، وقد يكون المهاجمون من الجنسين ومن كافة الأعمار.

دعاية تجعلنا نتعاطف مع الجاني

وكانت فرق ليونيس والمشاركة النسائية مهمة في نظر المسؤولين ضمن جهود الحرب في العراق وأفغانستان، لكن المسلسل يأخذ هذا المفهوم إلى أبعد من ذلك بكثير.

وفكرة مصادقة شخص ما أثناء محاولة استخراج المعلومات منه تستند إلى حد كبير إلى الواقع، ويستكشف المسلسل بشكل أساسي الأثر النفسي الذي يمكن أن تحدثه مثل هذه العلاقة على الجاسوس، والمخاطر التي يتعرض لها.

في المسلسل نجد أننا أمام شخصية “جو” العميلة في المخابرات الأميركية، التي تفقد الجاسوسة التي دربتها بعدما تم كشفها، ونتيجة لذلك تبدأ في إعداد المجندة “كروز” مع عملية جديدة الهدف منها إنشاء علاقة صداقة بين كروز وعالية ابنة أحد “الإرهابيين العرب”، ولكن تتخلل هذه الخطة الكثير من العقبات.

لا يركز المسلسل بشكل أساسي فقط على هذه العملية، بل هناك خط مواز يتعلق بالحياة الشخصية للعميلة “جو” نفسها، التي تحاول الحفاظ على وحدة عائلتها، وبالتالي تعاني على الجانبين العملي والشخصي، ويسلط المسلسل الضوء كذلك على الحياة الشخصية للجاسوسة كروز، والفتاة العربية التي تحاول التسلل إلى حياتها، وكيف تلتقين كلهن بالفعل من الناحية الروحية، فيصبح هناك تعاطف يكاد يفسد العملية عدة مرات.

هذا الجانب الإنساني يجذب المشاهد، ويجعله يتناسى الأثر الدعائي للمسلسل، والذي ينمط كل ما هو “آخر”، ويجعله عدوا من حق المخابرات الأميركية التجسس على حياته، ومحاربته بكل الطرق الشريفة وغير الشريفة.

استخدام المسلسلات التلفزيونية والأفلام للترويج للبروبغندا العسكرية الأميركية أمر مكرر يسعى الكثير من صناع الأعمال إلى عدم الوقوع فيه، ولكن المخرج تايلور شيريدان ترك نفسه بين براثنه، ووضع جانبا أي اعتبارات أخلاقية تتعلق بالحروب الأميركية في الشرق الأوسط، والدمار الذي حاق بتلك البلدان، واستخدم حجة أصبحت قديمة للغاية تتمثل في محاولة درء خطر الإرهاب القادم من الشرق.

قدم تايلور شيريدان من قبل مسلسل “يلوستون” (Yellowstone) الذي امتد لخمسة مواسم، ونجح بشكل دفع منتج العمل لطلب عدة مسلسلات مشتقة، تنتمي كلها لعالم الغرب الأميركي الذي أعاد المخرج إحياءه.

في مسلسل “ليونيس” يخرج شيريدان عن هذا المسار، ويحيي أسطورة أميركية أخرى. وكما أن عالم الغرب الأميركي قام بالأساس على التطهير العرقي ضد السكان الأصليين للقارة الأميركية، فمسلسل شيريدان الجديد يتناسى الجرائم الأميركية في الشرق الأوسط.

وكان من أبرز أسباب هجوم النقاد على مسلسل “ليونيس” الدعائية الشديدة للجيش الأميركي كمؤسسة شديدة الشرف والنجاح، وعلى الرغم من الإثارة الشديدة التي نجدها في كل حلقة، فإن العمل ليس سوى بروبغندا أميركية أخرى.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Skip to content