تشن الأوساط الرسمية والإعلامية في إسرائيل حملة تحريض متصاعدة على وسائل الإعلام العربية الضالعة بتغطية الحرب على قطاع غزة المحاصر، وتدعو إلى سحب تراخيصها وإغلاق مكاتبها في إسرائيل، وذلك بالتوازي مع تحركات لوزير الاتصالات الإسرائيلي، شلومو كرعي، لوضع أنظمة فاشية، تحت عنوان “تقييد مساعدات للعدو بواسطة وسائل إعلام”.
وفي هذا السياق، يدعم جهاز الموساد الإسرائيلي ومجلس الأمن القومي، ووزارة الخارجية الإسرائيلية، ووزير الأمن، ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي، إصدار قرار بإغلاق مكاتب شبكة “الجزيرة” الإعلامية في إسرائيل، بزعم أن تغطيتها للحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة، “تكشف مواقع الجيش الإسرائيلي”.
وأشارت إلى مزاعم مختلفة، ففي حين يعتبر الموساد أن قناة “الجزيرة” بتغطيتها للحرب على غزة تكشف مواقع الجيش الإسرائيلية وتشكل “تهديدا أمنيا” لإسرائيل، يرى رئيس الأركان، هرتسي هليفي، ووزير الأمن، يوآف غالانت، والمسوؤلون في مجلس الأمن القومي أن “الجزيرة” “تحرض على إسرائيل”.
وأفادت هيئة البث العام الإسرائيلية (“كان 11”)، اليوم الإثنين، بأن وزارة الخارجية قد أعربت في وقت سابق عن معارضتها الشديدة لإغلاق القناة، التي تتخذ من قطر مقرا لها وتبث باللغتين العربية والإنجليزية، لكن الوزارة باتت تتبنى موقفا مختلفا.
في المقابل، يتحفظ جهاز الأمن الإسرائيلية العام (الشاباك)، على “شبهات التحريض” الموجهة ضد “الجزيرة”، ويرى أنه “من الصعب إثبات جريمة التحريض” على حد تعبير “كان 11″، في حين أشارت القناة الرسمية الإسرائيلية إلى أن الشاباك لا يمانع في إغلاق القناة في إسرائيل.
يأتي ذلك فيما تنتصر الرواية الفلسطينية شعبيا مع تواصل الإدانات والتظاهرات الشعبية المنددة بالمجازر الإسرائيلية وحرب الإبادة الجماعية والتهجير التي تشنها إسرائيل ضد قطاع غزة في العديد من البلدان والعواصم الأجنبية؛ خلافا للمستوى الرسمي الدولي الداعم لإسرائيل رغم الكارثة الإنسانية التي يتعرض لها القطاع المحاصر.
وبحسب مسودة أنظمة الطوارئ التي وضعها كرعي، فإن “مساعدة العدو بواسطة وسيلة إعلامية” ستوصف بأنها نشر أنباء من شأنها “تقويض روح جنود إسرائيل وسكانها لدى مواجهتهم العدو” أو أن “تستخدم كأساس لدعاية العدو، وبضمن ذلك نشر بيانات إعلامية للعدو”، أو من أجل “مساعدة العدو في حربه ضد إسرائيل وسكانها أو ضد اليهود”.
وتشمل الأنظمة الأنباء في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة، وأن تكون لدى كرعي صلاحية إصدار أمر بإيقاف البث، مصادرة أجهزة بث، إبعاد شخص عن منطقة معينة، إصدار أمر يوعز للشرطة بإنفاذ القانون بشبهة ارتكاب مخالفة نشر دعاية انهزامية أو الحض على التمرد، بموجب قانون العقوبات.
وتتناقض مسودة الأنظمة التي وضعها كرعي مع مبادئ الديمقراطية التي تتبجح إسرائيل بها. ومن شأن المصادقة عليها أن يُحاسب كرعي نفسه بمخالفتها في أعقاب تفوهاته ضد قضاة المحكمة العليا ورفضه التصريح بأنه سينصاع لقرارات المحكمة العليا.
وادعى كرعي خلال مقابلة لإذاعة “غالي يسرائيل” اليمينية المتطرفة، أمس الأحد، أن أنظمة الطوارئ التي وضعها هدفها منع بث قناة “الجزيرة” من إسرائيل، ولذلك تم تحويل المسودة إلى الجهات الأمنية، لأن المستشارة القضائية لن توافق على هذه الأنظمة.
وحسب كرعي، فإن مجلس الأمن القومي الإسرائيلي يؤيد إغلاق مكاتب “الجزيرة”، وأنه “آمل أن أتمكن من طرح صيغة الأنظمة النهائية في اجتماع الحكومة اليوم”. وكان كرعي قد صرح لدى توليه منصبه كوزير الاتصالات أنه سيتدخل في المضامين التي تنشرها قنوات التلفزيون الإسرائيلية.