الـ”بتكوين” في 2024: الحصان الرابح خلال عام قياسيّ
جاء هذا الإنجاز نتيجة عوامل عدّة، بما في ذلك زيادة التبنّي المؤسّسيّ، والتطوّرات التنظيميّة المواتية، والاعتراف المتزايد بإمكانات البتكوين وسيلة للتحوّط ضدّ التضخّم…
لم يكن أكثر المتفائلين بالعملات المشفّرة، أن تكون سوق البتكوين مزدهرة كمان كانت خلال 2024، خاصّة بعد عام من تحقيقات واعتقالات شملت رؤساء منصّات عملات مشفّرة، مثل رئيس منصّة “إف تي إكس” سام بانكمان فرايد.
وبنسبة 129 بالمئة، قفز سعر وحدة بتكوين منذ مطلع 2024 حتّى بداية تعاملات 25 ديسمبر/ كانون الأوّل الجاري، مسجّلًا 98 ألف دولار للوحدة، لكنّه أقلّ من القمّة التاريخيّة في 17 من الشهر نفسه عند 105 آلاف دولار.
عام من التألّق
وترصّد الأناضول في التقرير الآتي، أبرز المحطّات الّتي دفعت بتكوين لتسجيل مستويات تاريخيّة غير مسبوقة، وبقيمة سوقيّة تجاوزت تريليوني دولار، متفوّقة على اقتصادات رئيسيّة في العالم.
ففي يناير/ كانون الثاني 2024، وافقت لجنة الأوراق الماليّة والبورصات الأميركيّة “SEC” على أوّل صناديق الاستثمار المتداولة للبتكوين، المقدّمة من مؤسّسات ماليّة كبرى مثل بلاك روك وفيديليتي.
ومثّلت هذه الموافقة لحظة محوريّة، إذ أتاحت للمستثمرين التعرّض المباشر للبتكوين من خلال منتجات ماليّة منظّمة، فيما أدّى إدخال هذه الصناديق إلى إضفاء شرعيّة على البتكوين باعتبارها فئة أصول، ما جذب زيادة كبيرة في الاهتمام من المؤسّسات والمستثمرين الأفراد.
بينما في أبريل/ نيسان 2024، خضعت البتكوين لحدث التنصيف الرابع، إذ تمّ تقليل مكافأة معدنيّ العملة المشفّرة من 6.25 إلى 3.125 بتكوين.
وتعدّ أحداث التنصيف الّتي تجرى تقريبًا كلّ أربع سنوات، جزءًا أساسيًّا من السياسة النقديّة للبتكوين، إذ تقلّل من معدّل إنشاء البتكوين الجديدة؛ وبالتّالي تؤثّر على ديناميكيّات العرض.
وحظي هذا الحدث باهتمام كبير، ما ساهم في استقرار الأسعار وتعزيز دور البتكوين ملاذًا آمنًا في ظلّ عدم اليقين الاقتصاديّ العالميّ.
وفي مايو/ أيّار 2024، أقرّ مجلس النوّاب الأميركيّ قانون تكنولوجيا الابتكار الماليّ للقرن الحادي والعشرين “FIT21″، بهدف إنشاء إطار تنظيميّ شامل للأصول الرقميّة.
وقدّمت هذه التشريعات الوضوح اللازم بشأن تصنيف الأصول الرقميّة وسلوك السوق، ما أدّى إلى توفير بيئة أكثر أمانًا للمستثمرين والشركات العاملة في مجال العملات الرقميّة.
كذلك، أدّى إعادة انتخاب دونالد ترامب رئيسًا للولايات المتّحدة في نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، إلى تبنّي موقف مؤيّد للعملات الرقميّة على أعلى مستويات الحكومة.
وأعربت إدارة ترامب عزمها دمج البتكوين في الأطر الاقتصاديّة، بما في ذلك إنشاء احتياطيّ استراتيجيّ للبتكوين.
وأشارت هذه التوجّهات السياسيّة إلى تحوّل نحو القبول السائد والدمج المحتمل للعملات الرقميّة في الاستراتيجيّات الاقتصاديّة الوطنيّة.
ففي يوليو/ تمّوز الماضي، شارك ترامب في مؤتمر معدنيّ بتكوين السنويّ عقد بالولايات المتّحدة، والّذي شكّل نقطة هامّة أمام الاعتراف بسوق العملات المشفّرة.
وبعد فوزه بالانتخابات، أعلن ترامب ترشيح باول أتكينز لمنصب رئيس هيئة الأوراق الماليّة والبورصات الأميركيّة، وهو الرجل المؤيّد للعملات المشفّرة وتنظيمها في السوق الأميركيّة.
وبالتزامن مع هذه التطوّرات، وطوال عام 2024، كانت هناك زيادة ملحوظة في الاستثمار المؤسّسيّ في البتكوين، إذ واصلت شركات مثل مايكروستراتيجي توسيع حيازاتها من البتكوين، مع خطط لزيادة الأسهم المصرّح بها بشكل كبير لشراء المزيد من البتكوين.
وسلّطت هذه الاستراتيجيّات المؤسّسيّة الضوء على الثقة المتزايدة بالقيمة طويلة الأجل للبتكوين ودورها المحتمل باعتبارها أصلًا احتياطيًّا للخزانة.
وأوائل ديسمبر 2024، حقّقت البتكوين إنجازًا تاريخيًّا بتجاوزها حاجز 100,000 دولار.
جاء هذا الإنجاز نتيجة عوامل عدّة، بما في ذلك زيادة التبنّي المؤسّسيّ، والتطوّرات التنظيميّة المواتية، والاعتراف المتزايد بإمكانات البتكوين وسيلة للتحوّط ضدّ التضخّم.
بينما في 17 ديسمبر، سجّلت العملة أعلى مستوى تاريخيّ لها، عند 105.3 آلاف دولار أميركيّ للوحدة، قبل أن تتراجع تصحيحيًّا عند 98.2 ألف دولار في التعاملات المبكّرة اليوم الأربعاء.