بعد توتر وضربات متبادلة: الرئيس الإيراني يزور باكستان لتعزيز التعاون
شهدت العلاقات بين إيران وباكستان توترا حادا لكن مؤقتا مطلع العام، على خلفية عمليات تنفذها جماعات متشددة في جنوب شرق إيران في المناطق الحدودية مع باكستان.
بدأ الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، زيارة إلى باكستان اليوم، الإثنين، لتعزيز “التعاون” التجاري والدبلوماسي مع الدولة الجارة بعد توتر وضربات متبادلة عبر الحدود في كانون الثاني/يناير.
ووصل رئيسي إلى إسلام أباد برفقة وفد رفيع المستوى لتوقيع اتفاقات “تعاون في عدة مجالات”، حسبما أعلن مكتب رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف.
ورأت الدبلوماسية الباكستانية السابقة والخبيرة في مجال العلاقات الدولية مليحة لودهي، أن هذه الزيارة “تمثل فرصة لإعادة العلاقات إلى مسارها الصحيح وإصلاح الضرر الذي حدث في كانون الثاني/يناير”.
وشهدت العلاقات بين إيران وباكستان توترا حادا لكن مؤقتا مطلع العام، على خلفية عمليات تنفذها جماعات متشددة في جنوب شرق إيران في المناطق الحدودية مع باكستان.
ونفّذت جماعة “جيش العدل” التي تشكّلت عام 2012 سلسلة هجمات في جنوب شرق إيران في السنوات الأخيرة. وتصنّفها طهران وواشنطن بأنّها “منظمة إرهابية”، وتشتبه الجمهورية الإسلامية بأن الجماعة تنفّذ عملياتها انطلاقا من قواعد خلفية في باكستان المجاورة.
وفي كانون الأول/ديسمبر، أعلنت الجماعة مسؤوليتها عن هجوم على مركز للشرطة في راسك، أسفر عن مقتل 11 شرطيا إيرانيا.
وفي منتصف كانون الثاني/يناير، أعلنت طهران تنفيذ ضربة جوية وصاروخية ضد مقرات لجماعة “جيش العدل” داخل الأراضي الباكستانية، مؤكدة أنها استهدفت “مجموعة إرهابية إيرانية”.
وأثار القصف الإيراني توترا بين طهران وإسلام آباد، إذ قامت باكستان بعد أيام بشنّ ضربات جوية قالت إنها استهدفت “ملاذات إرهابية” في مناطق قرب حدودها داخل الأراضي الإيرانية.
وبعد أيام، اتفق البلدان على “خفض” التوتر بينهما، وتعهدا عدم السماح “للإرهاب بتهديد” علاقتهما.
وقالت لودهي، إن من خلال هذه الزيارة التي سبقتها في نهاية كانون الثاني/يناير زيارة لوزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان إلى إسلام آباد، يريد البلدان “الاتفاق على طريقة لإدارة (التوترات على) الحدود تسمح بالحد من الحوادث من نوع تلك التي وقعت في كانون الثاني/يناير”.
وأدى القصف الإيراني والضربات الباكستانية في كانون الثاني/يناير لمقتل 11 شخصا لدى الجانبين، معظمهم من النساء والأطفال، بحسب السلطات.
وغالبا ما تتبادل إيران وباكستان الاتهامات بشأن السماح للجماعات المتمرّدة باستخدام أراضي البلد الآخر لشن هجمات.
واعتبر الخبير في القضايا الأمنية، قمر شيما، أنّ الزيارة الجديدة تهدف إلى “تقليل انعدام الثقة” بين الطرفين.
وأضاف “لكنها مهمة أيضًا من الناحية التجارية”، متوقعًا “تحسينات في إدارة الحدود والانتقال إلى ممارسات تجارية أكثر توحيدًا، ما سيقلل من التجارة غير الرسمية والتهريب”.
وأعلن رئيسي قبل مغادرته إيران أن هذه الزيارة تهدف إلى تعزيز التجارة بين البلدين ورفعها في نهاية المطاف إلى 10 مليارات دولار، مقارنة بحوالي 2,5 مليار دولار حاليا
وشدّد على أنّ “علاقاتنا الاقتصادية ليست على مستوى علاقاتنا السياسية”.
كذلك سيبحث الطرفان مشروع إنشاء خط أنابيب لنقل الغاز تقدّر كلفته بـ7,5 مليارات دولار وبدأ العمل فيه في العام 2013، لكن غياب الموارد المالية يحول دون إنجاز باكستان الشق المتعلق بها من المشروع.
ومنحت إسلام آباد في شباط/فبراير الضوء الأخضر لبدء إنشاء قسم أول بطول 80 كلم لتفادي دفع غرامات مقدّرة بمليارات الدولارات لطهران بسبب التأخر في إنجاز الأعمال. إلا أن واشنطن التي تفرض عقوبات اقتصادية واسعة على طهران، كررت في آذار/مارس معارضتها هذا المشروع.