عُرضت مسرحية “هشت” في قاعة الأوديتوريوم في المركز الجماهيري البقيعة يوم أمس السبت 16.9.23 بعرضها الافتتاحي، وبحضور نوعيّ للجمهور.
والمسرحية من تأليف الشاعر والكتاب سامي مهنا، إخراج منير بكري، تمثيل: أمجد بدر، أحمد مداح، نور مغربي.
موسيقى تصويرية معين دانيال، انتاج مسرح شروق.
وأبطال المسرحية هم ثلاثة مسنّين، يعيشون في الشتات، ويلتقون في مكان يرمز للحدود بينهم وبين وطنهم المفقود، ويجلسون يوميًا في محطّة باص رقم 181، وهي ترمز لقرار التقسيم الذي سبق نكبة عام 1948.
ولكن مع فقدانهم لأمل العودة، يطوّر الشخصية المركزية في المسرحية “أبو صالح” الذي يجسّد دورة الفنان أمجد بدر، تخيّلات بطولية وهمية، عن أمجادة السّابقة، ويروي قصصًا متخيّلة ومبالغ فيها عن مآثره، لصديقيه الذين يجدون في خياله الكاذب فاكهة الجلسات وتسليتهم اليومية، فيروي قصّة مشاركته في حرب العلمين إلى جانب مونتجومري ضد جيوش النازيين بقيادة رومل ثعلب الصحراء، بتكليف رسمي من الأمير عبد الله الأول (الملك عبد الله في مرحلة لاحقة لأحداث المسرحية)، وقائد الجيش الأردني جلوب باشا، ويسترسل في قصصه الخيالية، التي تمتّع رفيقيه، ويصل إلى أن يروي قصّة حقيقية، عن التّهجير والهجيج في نكبة عام 48، حيث كان يساعد النّازحين من مدنهم وقراهم في الوصول لآبار الماء في محيط قريته، وقد ساهم في عودة الكثيرين منهم إلى بلدانهم، بعد خروجهم من فلسطين، إنّما بعد اغلاق الحدود، بقي هو خارجها، ليعيش باقي حيته في الشّتات.
وهنا يصدم أبو صالح بتكذيب صديقيه لقصتّه الحقيقية، واتهام أحدهما إيّاه بأنّه كان صديق الانجليز الّذين تسبّبوا بالنكبة، وهذا ليس حقيقة شخصية “أبو صالح” الذي ينفجر غاضبًا، ليصدم بدوره بتناقض قصصه الوهمية وحقيقة وجدانه وماضيه، ويقول في أشدّ المقاطع الدرامية في المسرحية، بأنّ “هشته” أي كذبه، نابع من أمنية خفية في صدره، بأنّه كان يتمنى لو أنّ البطولات العظيمة التي يمثلها التخيّل هي حقيقة الواقع العربيّ، الذي مثّل “الهشت” أي الكذب الحقيقي، من قبل النكبة حتّى زمننا الحاضر، ويقول: “عندما تغيب الأمجاد الحقيقية يصبح الكذب ثقافة”، لتنتهي المسرحية بتخلّيه عن مسبحة أهداه اياها والده، عام النكبة، ليمثّل هذا التخلّي عبثيّة الحالة الّتي يعيشها الجيل الذي فقد الأمل بالعودة إلى الوطن.