أسواق الكريبتو تدخل دوامة التراجع رغم صمودها الأولي أمام صدمة رسوم ترامب

اعتبر كونورز أن الصدمة التضخمية الناتجة عن الرسوم الجمركية قد تدفع البنوك المركزية، وعلى رأسها الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، إلى العودة لسياسات التيسير الكمي، ما سيعزز بدوره مكانة الأصول البديلة مثل العملات المشفّرة…
في الثاني من أبريل، فاجأ الرئيس الأميركي دونالد ترامب العالم بإعلانه فرض رسوم جمركية متبادلة بحد أدنى 10%، ما هزّ أسواق المال العالمية. ورغم الصدمة المبكرة، نجحت العملات المشفّرة في المحافظة على صعودها، لكن هذا الصمود لم يدم طويلًا.
فقد سجّلت “بتكوين”، أكبر عملة مشفرة من حيث القيمة السوقية، تراجعًا بنسبة 5% لتُتداول عند نحو 79,000 دولار. أما “إيثريوم”، ثاني أكبر العملات الرقمية، فانخفضت بنسبة حادة بلغت 12.3%، مسجّلة أدنى مستوى لها منذ أكتوبر 2023، في إشارة إلى الضغوط المتزايدة على سوق الأصول الرقمية.
مع ذلك، لا يرى مارك كونورز، كبير استراتيجيي الاستثمار في “ريسك دايمنشنز”، أن التراجع مدعاة للقلق. في حديث إلى “الشرق”، اعتبر كونورز أن ما يحدث هو “تحذير مبكر” للأسواق التقليدية، وليس تهديدًا للعملات المشفرة.
وأشار إلى أن أداء “بتكوين” لا يزال قويًا نسبيًا، إذ ارتفعت بنسبة 2.2% منذ بداية أبريل، في وقت هبطت فيه الأسهم الأميركية بنسبة 9.6%، والعالمية بنسبة 8.2%. واعتبر كونورز أن رسوم ترامب الجمركية تشكّل “إشارة اقتصادية كلية”، وليست ضجيجًا عابرًا.
تأثرت الأسواق الآسيوية بشدّة؛ ففي اليابان، يتوقع استمرار عمليات البيع بعد الخسائر التي مُنيت بها الأسبوع الماضي. أما في الصين، فتستعد الأسواق ليوم إثنين ثقيل بعد عطلة نهاية أسبوع طويلة، على خلفية الرد الانتقامي من بكين، التي فرضت رسومًا بنسبة 34% على جميع الواردات الأميركية.
وقد سجّل مؤشر الأسهم الصينية المدرجة في الولايات المتحدة تراجعًا بنسبة 8.9% يوم الجمعة، وهو أكبر انخفاض له منذ أكتوبر 2022، في وقت كانت أسواق الصين وهونغ كونغ مغلقة.
يشير كونورز إلى أن ما يحدث في السوق يتجاوز ردود الفعل اللحظية، ليعكس “تحولًا هيكليًا أعمق” في توجهات المستثمرين، الذين باتوا يفضّلون الأصول اللامركزية والمقاومة للتضخم، مثل الذهب و”بتكوين”، على الأدوات التقليدية مثل الأسهم.
وبينما سجّل الذهب أفضل أداء ربع سنوي له منذ 1986، تواصل “بتكوين” أداءها المتفوق على مدى فترات تمتد لعام وثلاثة أعوام وخمسة أعوام. يقول كونورز: “لقد تم اختيار بتكوين والذهب بالفعل كملاذين آمنين. وسيزداد هذا التوجه في الربع الثاني من العام، حتى وإن لم يكن ذلك بوتيرة متواصلة”.
في مذكرة تحليلية، اعتبر كونورز أن الصدمة التضخمية الناتجة عن الرسوم الجمركية قد تدفع البنوك المركزية، وعلى رأسها الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، إلى العودة لسياسات التيسير الكمي، ما سيعزز بدوره مكانة الأصول البديلة مثل العملات المشفّرة والذهب في المشهد الاستثماري العالمي.