تقرير إسرائيلي: تأثير بالغ للوضع في الأراضي الفلسطينية وممارسات الحكومة الإسرائيلية ضد الفلسطينيين على الجمهور البحريني، الذي لم يستفد شيئا من اتفاق التطبيع، الأمر الذي من شأنه التأثير على قرار السعودية بشأن التطبيع.
رجح تقرير صادر عن “معهد أبحاث الأمن القومي” في جامعة تل أبيب اليوم، الخميس، أن العلاقات بين إسرائيل والبحرين “ستدخل، إن لم تكن قد دخلت بالفعل، إلى جمود”.
وعزا التقرير ذلك إلى سياسة الحكومة الإسرائيلية في الحلبة الفلسطينية وإلى ضغوط داخلية على العائلة المالكة في البحرين. كذلك أشار التقرير إلى أن الإدارة الأميركية لم تتعهد للبحرين بتعويض محدد لدى انضمامها إلى “اتفاقيات أبراهام”، مثلما تعهدت للإمارات والمغرب.
وتسببت عدة أحداث بفتور العلاقات بين إسرائيل والبحرين. ففي تموز/يوليو الماضي، ألغت البحرين زيارة مقررة لوزير الخارجية الإسرائيلية، إيلي كوهين، إلى المنامة. وادعت البحرين حينها أن الأسباب “تقنية”، لكن التقرير أكد أن السبب هو اقتحام وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، للمسجد الأقصى قبل يوم واحد من الإعلان عن إلغاء الزيارة. ولم يزر البحرين أي مسؤول في الحكومة الإسرائيلية الحالية.
وأشار التقرير إلى أنه ينشط في البحرين برلمان ومجتمع مدني نابض، ويشكلان تحديا أمام حكام الدولة بشكل دائم. وفي بداية “الربيع العربي”، شهدت البحرين احتجاجات شعبية، في العام 2011، والتي قوبلت يتدخل عسكري سعودي وإماراتي لحماية حكام المنامة.
وسبب ثالث لفتور العلاقات هو أن قدرات البحرين السياسية محدودة، بسبب تعلقها بالسعودية إثر تراجع احتياطي النفط فيها. ولذلك، تعتبر إسرائيل أن موافقة السعودية على تطبيع العلاقات بين البحرين وإسرائيل أن “مؤشر إيجابي” من السعودية تجاه إسرائيل.
وشهدت البحرين احتجاجات متواصلة منذ توقيع اتفاقية التطبيع مع إسرائيل وتأييدا للفلسطينيين. وتدعي إسرائيل أن هذه الاحتجاجات تنظمها الأغلبية الشيعية. وعندما تظاهر البحرينيون ضد زيارة الرئيس الإسرائيلي، يتسحاق هرتسوغ، للمنامة اتهمت إسرائيل إيران بالوقوف خلف هذه المظاهرات.
إلا أن التقرير لفت إلى أن استطلاعات الرأي العام التي أجريت في البحرين، منذ تطبيع العلاقات بينها وبين إسرائيل، دلّت على أنه لا فرق بين نظرة السنة والشيعة في البحرين المعارضة لاتفاق التطبيع. وإلى جانب ذلك، تراجع التأييد في البحرين لهذا الاتفاق، من حوالي أربعين بالمئة، في أعقاب توقيع الاتفاق في العام 2020، إلى قرابة عشرين بالمئة في الاستطلاعات التالية.
واعتبر التقرير أن البحرين كانت ستستفيد من التطبيع في الناحيتين الأمنية والاقتصادية، وأن زيارات مسؤولين إسرائيليين في الحكومة السابقة للمنامة – نفتالي بينيت، يائير لبيد، بيني غانتي، أفيف كوخافي – شكلت رسالة إلى إيران مفادها أن إسرائيل ستحمي البحرين وأن الدولتين تشكلان جبهة واحدة ضد إيران.
ولم تسجل العلاقات تقدما يذكر في الناحية الاقتصادية. ففي العامين 2021 – 2022 كان حجم التبادل التجاري بين الإمارات وإسرائيل حوالي 2.5 مليار دولار، بين بين البحرين وإسرائيل لم يتجاوز 20 مليون دولار. وفي المجال السياحي، زار الإمارات مليون سائح من إسرائيل، وبضعة آلاف زاروا البحرين. والعام الماضي، زار إسرائيل 1400 سائح من الإمارات و400 سائح من البحرين، بحسب التقرير.
وفي أيار/مايو الماضي، بعث 44 رجل دين بحريني رسالة إلى وزير التعليم البحريني طالبوا فيها بإلغاء تغييرات مشبوهة في المنهاج الدراسي الحكومي، على إثر إزالة أحاديث نبوية منه ونشيد يمجد المسجد الأقصى. وشدد رجال الدين على أنه “لا يمكن تبرير هذه التغييرات بادعاء التسامح والتعايش”. وأثارت الرسالة ضجة كبيرة مؤيدة لها في الشبكات الاجتماعية.
وادعى التقرير أن سياسة الحكومة الإسرائيلية الحالية ضد الفلسطينيين والاحتجاجات في البحرين ضد التطبيع مع إسرائيل “لا يشكل تهديدا على العلاقات في هذه المرحلة”. وأضاف أنه “في المدى البعيد من شأن خيبة الأمل هذه أن تؤدي إلى تراجع العلاقات الأمنية والعسكرية المزدهرة بين الدولتين، وبالتأكيد سيكون لهذا تأثير سلبي على قرار دول أخرى تدرس إذا كانت ستطبع علاقاتها مع إسرائيل”.
وأشار التقرير إلى أنه “لا يمكن تجاهل الأهمية الكبيرة للقضية الفلسطينية لدى الجمهور البحريني. وتتسبب ممارسات الحكومة الإسرائيلية في هذا الموضوع والأحداث في الضفة الغربية بنشوء صعوبات بالنسبة للمنامة لدفع تعاون اقتصادي ومبادرات مدنية”.
وخلص التقرير إلى أن اتفاق التطبيع بين إسرائيل والبحرين يشكل “بالون تجارب بالنسبة للسعودية، التي تدرس أفضليات ومساوئ العلاقات مع إسرائيل على خلفية المبادرة الأميركية لتطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية”.