المحللون يصفون خروج نتنياهو من اجتماع الحكومة لدى بحث تشكيل اللجنة بأنه “خدعة” و”مسرحية”، ورئيس اللجنة المعين يؤيد خطة إضعاف القضاء وعارض لائحة الاتهام ضد نتنياهو واستهزأ بالاحتجاجات.
أجمع محللون إسرائيليون اليوم، الإثنين، على أن لجنة تقصي الحقائق في قضية استخدام الشرطة لبرنامج التجسس السيبراني “بيغاسوس”، التي صادقت الحكومة الإسرائيلية على تشكيلها، أمس، تهدف إلى إنقاذ رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، من محاكمته بتهم فساد خطيرة، تشمل الرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة.
وأشار الخبير القانوني، بروفيسور مردخاي كرمنيتسر، في صحيفة “هآرتس”، إلى أن تشكيل اللجنة في قضية “بيغاسوس” يجب إدراكه على خلفية “وجود الحكومة الحالية – حكومة يرأسها متهم بمخالفات جنائية خطيرة”.
وأضاف أنه “يتضح أن المحكمة العليا لم تدرك جيدا في حينه عمق دلالة تناقض المصالح الذي يتواجد فيه رئيس الحكومة والحكومة كلها، عندما اعتقدت أنه بالإمكان حل هذه المسألة بواسطة تسوية محدودة لتناقض المصالح”، أي الاتفاق الذي وقع عليه نتنياهو وتعهد فيه بعدم التعامل مع قضايا قانونية، وصادقت عليه المحكمة العليا.
ووصف كرمنيتسر تهجمات نتنياهو ومؤيديه ضد محققي الشرطة الذين حققوا معه والنيابة العامة بـ”الفرية”، وأن “هذه الفرية أيدها قسم كبير من الجمهور. ومن هنا، فإن سبب وجود هذه الحكومة هو إنقاذ نتنياهو من التهديد القانوني، ووضع رؤساء جهاز إنفاذ القانون، المسؤولين عن التحقيق والاتهامات ضده، في كرسي الاتهام”.
واعتبر أنه “لو كان هناك سبب آخر لوجود الحكومة، لما خرج الانقلاب القضائي إلى الهواء. ومن دون هذا السبب، لما تشكلت لجنة تقصي الحقائق هذه أيضا”.
ورأى كرمنيتسر بمغادرة نتنياهو اجتماع الحكومة لدى بدء المداولات حول المصادقة على تشكيل لجنة تقصي الحقائق أنه “ليس أكثر من خدعة”.
وأفاد موقع “واينت” الإلكتروني بأنه سيرأس لجنة تقصي الحقائق نائب رئيس المحكمة المركزية السابق في القدس، القاضي المتقاعد موشيه دروري. وصرح دروري في الماضي بضرورة خطة الحكومة لإضعاف جهاز القضاء، وهاجم المستشارة القضائية للحكومة، غالي بهاراف ميارا، وسلفها في المنصب، أفيحاي مندلبليت، الذي قرر تقديم لائحة الاتهام ضد نتنياهو. كذلك استهزأ دروري بالاحتجاجات ضد الخطة القضائية في تل أبيب، قائلا إن “لا خوف على الديمقراطية، يوجد خوف (لدى المعارضة) من خسارة الانتخابات”.
ووصف المحلل السياسي في صحيفة “يديعوت أحرونوت”، ناحوم برنياع، خروج نتنياهو من اجتماع الحكومة بأنه “مسرحية”، مضيفا “كأنه ليس ضالعا، وكأن القرار لم يولد من أجل عرقلة محاكمته”. وأشار برنياع إلى إجابة الرئيس الإسرائيلي السابق، رؤوفين ريفلين، على سؤال حول ما إذا كان لنتنياهو جلد فيل، قائلا: “بالعكس. لقد وجدوا في أفريقيا فيلا له جلد نتنياهو”.
وحذر نائبا المستشارة القضائية للحكومة من أن مهمة اللجنة هي تقصي حقائق في ملفات لا تزال مفتوحة أمام المحاكم، وفي مقدمتها ملفات نتنياهو الجنائية، وشددا على أن الحكومة ليست مخولة ولا صلاحية لها بالقيام بذلك.
وأشار برنياع إلى أنه بين إشكاليات تشكيل اللجنة أنها ستعمل في موازاة تحقيق يجريه مراقب الدولة حول استخدام برنامج “بيغاسوس”، وأن تشكيل اللجنة يرمز إلى ادعاء محامي نتنياهو باستخدام الشرطة للبرنامج السيبراني خلال التحقيق ضد نتنياهو، وهو ادعاء لا يسنده أي دليل. “وأضاف برنياع أنه “في الخلاصة، هذه ليست لجنة قانونية وإنما هي لجنة عائلية”.
بدوره، اعتبر المحلل السياسي في صحيفة “معاريف”، بِن كسبيت، أنه بتشكيل هذه اللجنة، “تتدخل الحكومة بملف فساد جاري النظر فيه في المحكمة”، وأن “السياسيين يلوثون إجراء قضائي جنائي ضد رئيس الحكومة”.
وأضاف أن “الصدام الدستوري بات هنا، ومنذ مدة. وحلف الفتوة بين نتنياهو وياريف ليفين لم يعد يحاول إخفاء نفسه. ونتنياهو يرى إلى أين يأخذ الانقلاب القضائي، الذي يقوده ليفين، الدولة. وبدلا من إقالة ليفين، يفعل نتنياهو العكس ويستمر في هذا الكابوس”.
واعتبر كسبيت أن نتنياهو يقعل ذلك “لأن ليفين شكل أمس لجنة تحقيق لها مهمة واحدة: محاولة تشويش، عرقلة أو ربما إحباط ملفات نتنياهو. وهذا إجراء غير قانوني منذ بدايته، لكن هذه الحكومة لم تعد تهتم بما هو قانوني وما هو ليس قانونيا. واللجنة التي تشكلت أمس على أيدي ثلة من السياسيين بلا رسن وبلا خجل هي ركلة على رأس الديمقراطية واستمرار للتصفية الزاحفة لسلطة القانون”.