نشرت صحيفة “غارديان” البريطانية مقالًا للكاتب بنيامين بوغروند، نائب رئيس التحرير السابق لصحيفة “راند ديلي ميل” في جوهانسبرغ، يقول فيها إنه نشأ في جنوب أفريقيا، وانتقل إلى إسرائيل في 1997، وكان يدحض بقوة المقارنة بين إسرائيل وجنوب أفريقيا، لكن في عهد رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي، أصبحت تلك المقارنة بالنسبة له حقيقة.
وأوضح أن إسرائيل 2023 تسير حيث كانت جنوب أفريقيا في 1948، عندما كانت الفاشية والعنصرية وتدمير الديمقراطية في أوجها، مشيرًا إلى أنه عاش تلك الفترة، وأن الأمر بالنسبة له مثل مشاهدة إعادة لعرض فيلم رعب.
وأشار إلى أنه في إسرائيل تحكم اليوم حكومة تفوقت بنسبة 0.6% فقط على منافسيها في عدد أصوات الناخبين، وذلك بسبب تشويه النظام الانتخابي النسبي للنتائج، ومع ذلك تقول إنها تمثل إرادة الأغلبية، ويمكنها أن تفعل ما تريد.
تعميق التمييز ضد العرب
وقال إن في إسرائيل، يمكن “للعرب”، الذين يشكّلون حوالي 21٪ من السكان التصويت، لكنهم يعانون من التمييز، إذ لا يتم تجنيد المسلمين والمسيحيين، ومن ثم يخسرون كثيرًا من الامتيازات. ويمتلك الصندوق القومي اليهودي حوالي 13٪ من أراضي إسرائيل، ويمنع غير اليهود -أي العرب- من امتلاكها أو تأجيرها. ويعِد التحالف الحاكم بتعميق التمييز.
وفي جنوب أفريقيا، يقول بوغروند، كان انتصار الحزب القومي العنصري يعني الفصل العنصري، مما أدى إلى تكثيف التمييز القائم ضد الملونين، وإضفاء الطابع المؤسسي عليه.
وذكر أنه في 2001، انضم إلى وفد حكومة إسرائيل في المؤتمر العالمي لمكافحة العنصرية في ديربان بجنوب أفريقيا. وفي ذلك المؤتمر، شعر بالانزعاج والغضب من كثرة “الأكاذيب والمبالغات” حول إسرائيل. وخلال السنوات التي تلت ذلك، قال إنه جادل بكل قوة في المحاضرات والمقالات الصحفية وفي التلفزيون وفي كتاب نشره، ضد اتهام إسرائيل بأنها دولة فصل عنصري.
الاتهام أصبح حقيقة
لكن الآن، يؤكد الكاتب، أن هذا الاتهام ضد إسرائيل أصبح حقيقة. فقانون الدولة القومية يرفع اليهود فوق المواطنين العرب المسلمين والدروز والمسيحيين، وأنه يرى كل يوم وزراء الحكومة وحلفاءهم ينفثون العنصرية، ويتابعون الإجراءات التمييزية، ولا توجد رحمة حتى للدروز الذين جُنّدوا مثل اليهود في الجيش منذ 1956.
ويضيف أن إسرائيل لم يعُد بإمكانها أن تدّعي أن الأمن هو سبب سلوكها في الضفة الغربية وحصار غزة. فبعد 56 عامًا، ليس من الممكن تفسير احتلالها بأنه مؤقت، وفي انتظار حلّ الصراع مع الفلسطينيين.
وقال إن إسرائيل تتجه نحو الضم، مع دعوات لمضاعفة عدد المستوطنين اليهود في الضفة الغربية، الذي يبلغ حاليًا حوالي 500,000.
تواطؤ الجيش
وأكد أن الجيش متواطئ تمامًا في الاستيلاء غير المشروع على الأراضي وإنشاء مراكز استيطانية متقدمة، كما تسيء الحكومة استخدام كثير من الأموال للمستوطنين، وتنتهك قوانينها الخاصة، ويقتل المستوطنون الفلسطينيين ويدمرون منازلهم وسياراتهم، ونادرًا ما تتدخل المحاكم، ويقف الجنود على الجانب ويكتفون بالمشاهدة.
وقال “نحن الإسرائيليين” نحرم الفلسطينيين من أي أمل في الحرية أو الحياة الطبيعية، و”نعتقد” في الدعاية الخاصة بنا، التي تفيد بأن بضعة ملايين من الناس ستقبل بخنوع الدونية والقمع الدائم، مضيفًا أن الحكومة الإسرائيلية تندفع أكثر وأكثر نحو سلوك لا إنساني قاسٍ يتجاوز أي دفاع. وقال: “لا يجب أن أكون متدينًا لأعرف أن هذه خيانة مخزية للأخلاق والتاريخ اليهودي”.
وأشار إلى أنه لم يكن يريد أن يكتب هذا المقال، لكنه شعر أن الحكومة الإسرائيلية اليمينية الحالية تأخذ إسرائيل إلى التمييز والعنصرية المؤسسية، وأنه يشهد الآن الفصل العنصري الذي نشأ معه.