قال أحد أصحاب الأراضي المهددة إنه “أعمل بالزراعة منذ مدة طويلة وهي مصدر رزقي الوحيد، اشتريت 70 دونمًا لأعتاش منها، لكن هذا المخطط يهدد أرضي وكل الأراضي الخاصة بأهالي القرية”.
تهدد سكة القطار التي من المزمع إقامتها على أراضي مقيبلة مساحات واسعة من الأراضي الاحتياطية المتبقية لأهالي القرية ومصادر رزقهم والتوسعة التي تعد أمل السكان، في ظل الحصار الذي فُرض على مقيبلة من معظم الجهات، إذ تحاصرها مستوطنة “ماغين شاؤول” المقامة على أراضيها بالإضافة إلى حاجز الجلمة الذي يحد القرية وجدار الفصل العنصري الذي يفصل القرية عن جنين والجلمة، كما ستغلق سكة القطار المنطقة الغربية التي تعد متنفسا لأهالي مقيبلة ومستقبل أبنائها.
يصادر مخطط “قطار العفولة – جنين” ما يقارب 1400 دونم من الأراضي الزراعية التابعة لأهالي المقيبلة التي تشكّل قرابة نصف الأراضي الزراعية التي يملكونها. ويهدف المخطط إلى تسهيل نقل البضائع من المنطقة الصناعية التركية المخطط إقامتها على أراضي أهالي مقيبلة عن طريق القطار إلى ميناء حيفا والعفولة والأردن، إذ تشمل المنطقة الصناعية مستودعات لتخزين البضائع ومحطة للركاب، بالإضافة إلى التخطيط المستقبلي لنقل حاجز الجلمة.
وبشأن تقديم الاعتراضات، أوضح أنه “قدمنا اعتراضات على هذا المخطط، ولكن يا للأسف كل ذلك دون نتيجة. لن يكون قطار فقط إنما منطقة صناعية كبيرة للتجارة والبضائع، والداعم لهذا المشروع هو الاتحاد الأوروبي والحكومة التركية، إذ أن القائمين على هذا المشروع جماعات رأسمالية وغنية، وكل هدفهم إنجاز المخطط بغض النظر عن المتضررين الذين سيذوقون الويلات بسبب هذا المشروع”.
مصادر رزق مهددة
وأضاف صالح أن “مقيبلة تعد 5 آلاف نسمة تقريبًا، والأمل الوحيد لتوسعة مقيبلة هي المنطقة الغربية المهددة الآن بسكة القطار، إذ تعد المناطق الأخرى المحاذية للبلدة مصادرة بفعل الحصار الذي فرض علينا من كافة الاتجاهات”.
وعن مدى الضرر الذي سيتكبده المواطن صالح، أوضح أنه “أعمل بالزراعة منذ مدة طويلة وهي مصدر رزقي الوحيد، اشتريت 70 دونمًا لأعتاش منها، لكن هذا المخطط يهدد أرضي وكل الأراضي الخاصة بأهالي القرية، بالإضافة إلى ذلك منعنا من التوسعة وستصبح البلدة دون مناطق للبناء، وهذا يهدد أيضا بأزمة سكنية خانقة إلى جانب الأزمة السكنية التي نعاني منها الآن. هذا المخطط يهدد حياتنا ومصدر رزقنا وكل شيء لنا، ولن يتوفر مكان لوضع آليات العمل الزراعية الأمر الذي سيجبرنا على بيعها وسنصبح دون مصدر رزق”.
وعن الرد على الاعتراضات، أكد أنه “قدمنا اعتراضات عدة على خط الغاز وعلى سكة القطار عن طريق المحامي قيس ناصر، وكان الرد لجنة البناء والتنظيم أن هذا مشروع قومي، توجهنا إلى جمعية عدالة الحقوقية وجمعية (بمكوم)، إذ قدمنا اعتراضات أخرى، وفي نهاية المطاف رفضت كل الاعتراضات وصودق على المخطط”.
وختم صالح بالقول إنه “أناشد كل من بإمكانه مساعدتنا ألا يقصر في ذلك وأن يبعد هذه الكارثة التي تهدد أهالي مقيبلة، هذا المخطط يهدد أيضا البيئة والإنسان”.
تضييق وحصار
قال المواطن حسن مسّاد من مقيبلة لـ”عرب 48″ إن “سكة القطار ستحاصر البلدة من الجهة الغربية الأمر الذي سيجعلها محاصرة من كل الاتجاهات، وسيحد من حرية السكان التي ينعمون بها بالوقت الحالي. مقيبلة موجودة في مكان محاصر من كل الاتجاهات، والمنطقة التي كانت أمل الأهالي للتوسعة سيضع حولها سياج وستغلق أمامنا، بالتالي سنصبح في سجن كبير”.
ولفت إلى أنه “لم نتوقع أن يتم محاصرة القرية بهذا الشكل أبدًا، إذ أن السكة كانت موجودة قبل عشرات الأعوام، لكن إسرائيل قامت بإزالتها من المكان وبعدها لم نتوقع أن يتم إعادتها أبدًا. ما حصل فاجأ الجميع”.
وعن الفائدة التي من الممكن أن تعود على أهالي مقيبلة من سكة القطار والمنطقة الصناعية، أكد مساد أنه “لن تعود أي فائدة على أهالي مقيبلة من سكة القطار، على العكس الضرر الذي سيعود على الأهالي أكبر بكثير، الضرر البيئي والحصار للقرية بالإضافة إلى الأمراض والأضرار التي يتكبدها أهالي القرية من المنطقة الصناعية”.
وأوضح أنه “يوجد العديد من الحلول أمام القائمين على هذا المخطط ولجنة التخطيط ومنها نقل هذه السكة من مقيبلة، ولكنهم رفضوا الاقتراح الذي قدمناه بادعاء أنه يكلف مبالغ أكثر لإقامته، ورفضوا كل الاقتراحات وأصروا على إقامة هذا المشروع على أراضي أهالي مقيبلة”.
وختم مساد بالقول إن “المستوطنات المحاذية لمقيبلة لا تتضرر بالنسبة التي تتضر بها مقيبلة، الضرر الوحيد سيكون مرور القطار بمحاذاتها، أما أهالي مقيبلة سيتضررون من سكة القطار ومن المنطقة الصناعية ومن المستودعات ومحطات نقل الركاب”.
وحدة ونضال
وقال عضو اللجنة الشعبية في مقيبلة، رامي جرامنة، لـ”عرب 48″ إن “تعامل المؤسسة الإسرائيلية مع كل أبناء شعبنا في مناطق الـ48 من منطلق أنهم أعداء وليسوا مواطنين. علمنا عن هذا المخطط صدفة من خلال المزارعين الذين يعملون في مستوطنات مجاورة”.
وأضاف أنه “لن نفقد الأمل وسنبقى متشبثين فيه، واليأس ليس من صفات الفلسطينيين، إذ أننا هُجّرنا من قرية سيدنا علي (الحرم) الساحلية، ولن نقبل أن يهجّرونا مرة أخرى، وعلى هذه الأرض ما يستحق الحياة، إذ أننا نعاني من أزمة سكنية خانقة منذ عدة سنوات ولا حلول تقدم من المجلس الإقليمي ولا حتى من لجنة التخطيط والبناء، ونحن لم ولن نرفع أيدينا ومن حقنا وحق أبنائنا أن نجد منازل للسكن. هذا بلدي وبلد أجدادي ولن نتراجع أبدًا”.
ودعا جرامنة كافة أبناء القرية للوحدة، وقال إنه “يجب أن نكون يدا واحدة وأن نستمر في هذا النضال ومعنا كل أعضاء الكنيست العرب وكل صاحب منصب مسؤول وحتى وسائل الإعلام حتى نستطيع إيقاف هذا المشروع الجائر بحق الجميع”.
وأشار إلى أن “مقيبلة مستهدفة منذ النكبة وحتى يومنا هذا، بداية الاستهداف كان عندما بُنيت مستوطنة (ماغين شاؤول) على أرض مدرسة مقيبلة، بالإضافة إلى استهداف المنطقة الشرقية التي بني عليها حاجز الجلمة، وبناء جدار الفصل العنصري الذي يفصل بيننا وبين أهلنا في الضفة، واليوم سكة القطار، وكل ذلك نتيجة السياسات الإسرائيلية التي يدفع ثمنها الفلسطينيون”.
وعن الجانب القضائي، أوضح جرامنة أن “لجنة التخطيط والبناء وافقت على تنفيذ المشروع، ونحن لن نستسلم حتى إذا وصل بنا الحال للتوجه إلى المحكمة العليا، ولكن لنكن واقعيين فالمؤسسة الإسرائيلية تتعامل معنا كما تعاملت مع الآباء والأجداد عام 48، وعندما تريد مصادرة أراض تصادرها وتلاقي الحجج وفق قوانينها”.
وختم جرامنة حديثه بالقول إنه “أناشد أهالي بلدتي مقيبلة بالوقوف وقفة رجل واحد ضد هذا المشروع، والنضال الشعبي له نتائجه، وهذا ما حصل في هذا المكان عندما منعنا إقامة إرسالية لحاجز الجيش، إذ أننا عانقنا الأرض ونمنا في الخيام لمدة أسبوع حتى تقرر إلغاء الإرسالية، نعم الأمل موجود ونستطيع إيقاف المشروع بحال كنا يدا واحدة”.