لفت تقرير لموقع (ديلي بيست) الإخباري إلى ما وصفه بتهديد مخيف أثار غضب كبار المسؤولين في بولندا، أثناء إرسالها آلاف الجنود والمروحيات القتالية إلى حدودها مع بيلاروسيا لتجنب صراع محتمل مع مجموعة فاغنر الروسية.
وقال أحد المسؤولين البولنديين في مقابلة حصرية مع الموقع الأميركي إن الكرملين أطلق ذراع تأثيره الذي استهدف بولندا في الأيام الأخيرة، دافعا بعملاء ومسؤولين روس وبيلاروسيين، بمن فيهم الرئيس فلاديمير بوتين نفسه، لترويج دعاية في المجتمع البولندي برسائل تثير الشكوك في دعم أوكرانيا.
وألمح الموقع إلى أن التحذير من أن روسيا تعمل على زعزعة استقرار السياسة البولندية يتزامن مع تحديد وارسو موعد انتخاباتها هذا الأسبوع في 15 أكتوبر/تشرين الأول، ويبدو أن عملية التأثير الروسي تهدف إلى تفاقم الانقسامات بين الشعب البولندي وإثارة خلافات في المجتمع قبل الانتخابات، بينما يتم إضعاف الدعم البولندي لكييف حيث تواصل روسيا حربها في أوكرانيا.
وقال المسؤول البولندي إن “الدعم الشعبي لأوكرانيا مرتفع جدا في بولندا. ويكاد يكون إجماعا عندما يتعلق الأمر بنظرتنا إلى الصراع. ولكن هناك أيضا عنصر ما في المجتمع البولندي متشكك إلى حد ما.. وأعتقد أن الروس ربما يعتقدون أن هذا النوع من الرسائل قد يجذب الجمهور المتشكك أثناء التحضير للانتخابات”.
تفكيك الدعم الشعبي
وأردف الموقع أنه على الرغم من أن غالبية المجتمع البولندي تدعم مساعدة أوكرانيا في معركتها لدرء الاستيلاء الروسي، فإن هناك جيوبا أقل حماسا بشأن حجم المساعدة الموجهة للقضية الأوكرانية. فبحسب نتائج استطلاع للرأي أجراه مركز دراسات أوروبا الشرقية والدولية مؤخرا، يريد نحو 65% من البولنديين استمرار وارسو في دعم أوكرانيا، بينما يؤيد نحو 34% حيادية بلادهم.
وأشار إلى ما قاله الباحث في شؤون القوقاز وأوروبا الشرقية جيفي جيجيتاشفيلي إن أحد أهداف روسيا الأساسية لمخططات التأثير التي تستهدف بولندا هو تفكيك الدعم الشعبي الأوكراني في بولندا.
وتشمل الجوانب المختلفة لعملية التأثير بين الكرملين وبيلاروسيا العديد من منصات وسائل التواصل الاجتماعي والتصريحات الحادة من القيادة في كل من موسكو ومينسك، وعمليات التهجين التي تهدف إلى إذكاء الاضطرابات السياسية في بولندا.
وأضاف جيجيتاشفيلي أن مسألة استضافة بولندا للاجئين الأوكرانيين كانت أول أولويات عملية التأثير التي ينفذها الكرملين. وقال إن عددا كبيرا من قنوات تليغرام الناطقة بالبولندية، وهي التي تحمل إشارات واضحة لعملية منسقة للكرملين ركزت على تضخيم المشاعر المعادية للاجئين الأوكرانيين والموالية للكرملين في بولندا في الأسابيع الأخيرة.
وعلق بأن مثل هذه القنوات “تحاول استغلال بعض نقاط الضعف الحالية، أو دعنا نقول المشاعر، في المجتمع، على سبيل المثال… إذا استمرت بولندا في قبول المزيد من اللاجئين”.
تضخيم الانقسامات
ووفقا للمسؤول البولندي تهدف العملية الروسية إلى تضخيم الانقسامات على نطاق واسع في بولندا أيضا، لخلق قلق عام، لاسيما مع اقتراب الانتخابات.
وأضاف المسؤول أنه وفقا لوارسو يبدو أن بعض أهداف عملية التأثير الروسي ترمي إلى خلق بيئة عامة وفهم يميل إلى صراع طويل الأمد ودائم أو احتمال نشوب صراع، مما يفسح المجال لتعبئة محتملة.
وقال جيجيتاشفيلي إنه بالرغم من أن عملية التأثير الروسية كاسحة، إلا أنها تبدو غير فعالة وخرقاء حتى الآن، ومن المحتمل ألا تتأثر غالبية البولنديين بالروايات الموالية للكرملين. لكنه يرى أن شبكة التأثير في بولندا غير مستعدة للتراجع في أي وقت قريب، وأنها آخذة في النمو.
وأضاف أنه من المحتمل أن تلجأ الجهات الفاعلة الروسية والبيلاروسية التي تعمل على زعزعة استقرار بولندا إلى عمليات القرصنة والتسريب. “ويجب أن نتوقع أيضا هجمات إلكترونية. وقد نتوقع أيضا عمليات اختراق وتسريب… والتدخل في الانتخابات لعبة طويلة”.