أوضح مقال نشره موقع بلومبيرغ الأميركي أن تداعيات الأحداث التي تتطور في النيجر، يمكن أن تكون كارثية على أمن واستقرار المنطقة والعالم، مضيفًا أن روسيا ومن خلال دعمها للانقلاب، تُثبت مرة أخرى أنها ترى مواجهتها للغرب حربًا عالمية لا ينقصها إلا الإعلان.
وقال الكاتب أندرياس كلوث، إن انقلاب النيجر محرج؛ لأنه لا القوة الاستعمارية السابقة “فرنسا”، ولا القوة العظمى “المتضائلة”، الولايات المتحدة، توقعت حدوث ذلك.
ووصف الكاتب الانقلاب بأنه “مشؤوم”؛ لأنه مكسب غير متوقع لروسيا والصين، كما وصفه بأنه “كارثي”؛ لأنه “نكسة” في الحملة ضد “الإرهاب” والهجرة غير المنظمة.
كما قال إنه سيكون انقلابًا مروّعا إذا كان سيقود إلى حرب عالمية.
انقلابات وفوضى
وذكر الكاتب أنه كلما زاد البؤس والفوضى في منطقة الساحل؛ كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أكثر سعادة، محذرًا من أن سيناريو بوركينا فاسو ومالي قد يتكرر في النيجر، فيطرد الجيش النيجري القوات الفرنسية والأميركية المتمركزة هناك، ويلقي بنفسه في أحضان بوتين ويفغيني بريغوجين زعيم “فاغنر”، على حد تعبيره.
وقال إنه حتى خلال انقلاب النيجر، كان بوتين يستضيف قادة أفارقة آخرين في سان بطرسبرغ، ويدفعهم إلى دعم حربه ضد أوكرانيا، أو على الأقل عدم معارضتها. كما ظهر بريغوجين في سان بطرسبرغ لالتقاط الصور مع قادة أفارقة.
وعلّق بأن ظهور بريغوجين قد يبدو مفاجئًا، حيث من المفترض أن يكون رئيس “فاغنر” في المنفى البيلاروسي، عقابًا على تمرده الذي لم يدُم طويلًا في يونيو/حزيران الماضي، لكن يبدو أن مصالح بوتين في منطقة الساحل تتفوق على مخاوفه بشأن بريغوجين.
صراع مع الغرب
وأضاف كلوث أن بوتين مثل نظيره الصيني شي جين بينغ، ينظر إلى منطقة الساحل على أنها مجرد خط أمامي آخر في صراعه ضد الغرب الذي تقوده الولايات المتحدة، ومن الواضح أن هناك خطوطًا أخرى تمرّ عبر أوكرانيا، وآسيا، والقطب الشمالي، إذ أبحر في الأسبوع الماضي أسطول روسي وصيني مشترك بشكل استفزازي، بالقرب من ألاسكا الأميركية.
وذكر أن بوتين ينجذب بشكل خاص إلى منطقة الساحل؛ لأنها من الممكن أن تزعزع استقرار الغرب بطرق عديدة في وقت واحد، وقد أصبحت مركزًا عالميًا لـ “الإرهاب”، حيث تنتقل جماعات مسلحة إلى فراغات السلطة التي خلّفتها الانقلابات، والانتفاضات العرقية ومجموعة “فاغنر”.
ومضى الكاتب يقول إن بوتين يحب ما يمكن أن يسبب المزيد من المعاناة، وهجرات أكبر شمالًا ونحو الاتحاد الأوروبي، “الذي يريد زعزعة استقراره”، مشيرًا إلى أن هذا يعدّ سببًا آخر لجعل بوتين يستخدم صفقة الحبوب الأوكرانية سلاحًا، مدركًا -تمامًا- أن حصاره يسبب الجوع في أماكن؛ مثل: أفريقيا.
وأظهر كلوث الاستقطاب الذي تسببت فيه أحداث النيجر، وقال إنه من غير المرجح أن تحمل الولايات المتحدة وفرنسا السلاح من أجل الرئيس النيجري المطاح به محمد بازوم، وشرح ذلك بقوله “إنهما تخشيان أن تكون النيجر هي العراق القادم، أو أفغانستان”.
وحذّر من سيناريو أخطر يتمثّل في اشتعال حرب عالمية، إذا حدث احتكاك مسلح مع الروس.
إهمال المنطقة
وعاد الكاتب ليقول إن ما جرى في النيجر وغيرها من انقلابات ضد الأنظمة الصديقة للغرب في الساحل، هو ردّ فعل على إهمال الولايات المتحدة وحلفائها للمنطقة لسنوات.
وصرح قائلًا “إننا بالفعل في الحرب العالمية القادمة، حتى لو لم يعلن بوتين وشي جين بينغ عنها”.
وأوضح بأنه على الولايات المتحدة وأوروبا والغرب أن يدعموا أفريقيا، بل وجنوب الكرة الأرضية بأكمله، ليس الآن فحسب، بل من الآن فصاعدًا، وعليهم مواجهة الانقلابات العسكرية، وكذلك مقاومة الجانب المظلم في الجغرافيا السياسية.