كشفت سلطات هاواي أنها فتحت تحقيقا في ملابسات الاستجابة للحرائق، حيث اعترفت عضو في الكونغرس عن الولاية بأن المسؤولين قللوا من تقدير خطرها، بينما أفاد سكان أنهم لم يتلقوا أي تحذيرات.
قضى 89 شخصا على الأقل في الحرائق التي تجتاح جزيرة ماوي في هاواي، وهي حصيلة ثقيلة أثارت انتقادات للسلطات بشأن طريقة تعاملها مع واحدة من أسوأ الكوارث الطبيعية في التاريخ الحديث للأرخبيل الأميركي.
وأفاد حاكم ولاية هاواي، اليوم الأحد، أن حصيلة ضحايا الحرائق التي دمرت بلدة سياحية تاريخية في هاواي بلغت 89 قتيلا.
وقال جوش غرين للصحافيين “هناك 89 وفاة جرى إحصاؤها”، مرجحا أن الحصيلة “سوف تستمر في الارتفاع. نريد أن يكون الناس على استعداد لهذا”.
وقالت الوكالة الفدرالية المسؤولة عن الاستجابة للكوارث الطبيعية (فيما) إن حوالي 2207 مبان، معظمها سكنية، دمرت أو تضررت.
وكشفت سلطات هاواي أنها فتحت تحقيقا في ملابسات الاستجابة للحرائق، حيث اعترفت عضو في الكونغرس عن الولاية بأن المسؤولين قللوا من تقدير خطرها، بينما أفاد سكان أنهم لم يتلقوا أي تحذيرات.
وقالت فيلما ريد البالغة 63 عاما “اشتعلت النيران في الجبل خلفنا ولم يبلغنا أحد بضرورة الإخلاء”.
أضافت “أتعلم متى عرفنا أن هناك حريقا؟، عندما وصل إلى الجانب الآخر من الشارع عندنا”.
ولفتت ريد التي دمر الحريق منزلها أنها فرت مع عائلتها من الحريق بما استطاعت أن تضع في سيارتها من متعلقات، وهم الآن يعتمدون على المساعدات.
وقالت “هذا هو منزلي الآن”، مشيرة إلى السيارة التي كانت تنام فيها مع ابنتها وحفيدها وقطتها.
وما زال السكان في حالة صدمة، وبدأوا لتوهم يدركون حجم الضرر في مدينة لاهاينا التي تحولت في غالبها إلى رماد.
يأسف أنتوني غارسيا (80 عاما) المقيم في المدينة منذ ثلاثة عقود “لقد أتى ذلك كل شيء، كل شيء! هذا يفطر قلبي”. في جواره، يحرك ناجون الرماد أملا في العثور على صور أو أغراض لم تأت عليها النار.
لم يبق شيء تقريبا من المحلات التجارية والفنادق والمباني والمطاعم في المدينة الساحلية التي يبلغ عدد سكانها 13 ألف نسمة. وقد طاول اللهب شجرة بانيان مهيبة، وهي معلم جذب سياحي، لكن يبدو أنها نجت، وهي تقف الآن وسط الأنقاض.
وسط الخراب، يسعى السكان إلى فهم كيف بلغت المأساة هذا الحجم، وكذلك القضاء الذي فتح تحقيقا بشأن طريقة إدارة السلطات للأزمة.
وشهدت ماوي انقطاعات عديدة للتيار الكهربائي وتوقف رقم الطوارئ عن الخدمة في أجزاء من الجزيرة.
وأوضحت النائبة الديموقراطية في الكونغرس عن هاواي جيل توكودا، أن التنبيهات التي يتم إرسالها عادة عبر الهاتف لم تصل بسبب “عدم وجود تغطية” و”من الواضح أننا لم نقدم حلولا احتياطية لضمان سلامة السكان”.
وأضافت في تصريح لشبكة سي إن إن “لقد قللنا من خطورة الحريق وسرعته… علينا أن نتحسن”.
وقال مدير عمليات “فيما” جيريمي غرينبرغ، وهو إطفائي قضى سنوات في العمل التطوعي، إن درجة صعوبة السيطرة على الحريق كانت “استثنائية”.
وأشار إلى أن “سرعة تقدم هذا النوع من الحرائق تبلغ طول ملعب لكرة القدم في عشرين ثانية أو أقل”.
وتجاوزت حصيلة ضحايا الحرائق تلك التي نجمت عن التسونامي الذي ضرب هاواي في 1960 مع 61 قتيلا، ما يجعل منها الكارثة الأكثر فتكا في تاريخ الولاية.
وربما لم ينته الأرخبيل من إحصاء قتلاه، فقد وصلت فرق بحث وإنقاذ برفقة كلاب مدربة إلى جزيرة ماوي للبحث عن جثث محتملة، بحسب ما أعلنت السلطات.
وقال غرينبغ إن “فيما” والوكالات المعاونة لها تعمل على “إمداد ولاية هاواي بكل ما تحتاج إليه من موارد”، بما في ذلك المياه لأنها تلوثت فيها الموارد العامة.
وأشار إلى أن الوكالة التي تدير مركزا دائما لتوزيع المياه في هاواي، بصدد إرسال أكثر من 150 موظفا إلى المنطقة المتضررة.
في مواجهة سرعة انتشار النيران، اضطر الناجون من لاهاينا إلى الفرار دون النظر خلفهم، ورمى بعضهم أنفسهم في المحيط للهروب من الحريق. يقول إيكولو برايدن هوبيلي إن النار كانت “شديدة مثل الجحيم”، وقد غادر مضطرا “تاركا الكثير من الناس وراءه”.
وتقدر تكلفة إعادة الإعمار بحوالي 5,52 مليار دولار في لاهاينا وحدها.
تأتي هذه الحرائق المدمرة في منتصف صيف سجلت خلاله سلسلة أحداث مناخية قاسية في أنحاء الكوكب، بما في ذلك موجة حر شديدة في جنوب الولايات المتحدة، وهي ظاهرة مرتبطة بالاحترار العالمي وفق الخبراء.
وانتشرت الحرائق بسهولة أكبر في جزيرة ماوي لأن الأمطار أقل من المعتاد هذا العام. ويعاني الجزء الغربي من الجزيرة، حيث تقع لاهاينا، حاليا من جفاف “شديد” إلى “معتدل”، وفق مرصد الجفاف الأميركي.
وأعلن الرئيس الديموقراطي جو بايدن، حرائق هاواي كارثة طبيعية، مفرجا عن مساعدات فدرالية لجزيرة ماوي بهدف تمويل أعمال الإغاثة والإيواء الفوري وجهود إعادة الإعمار.