“من دون قيم أميركية – إسرائيلية مشتركة، لن تكون هناك مصالح مشتركة ولا علاقات متميزة. والناخبون الديمقراطيون يؤيدون الفلسطينيين أكثر وإسرائيل أقل. والولايات المتحدة أقل تدينا وإسرائيل أكثر تدينا”
أشارت دراسة إلى أن نتائج لقاء بين الرئيس الأميركي، جو بايدن، ورئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، خلال الأشهر المقبلة، وكذلك احتمال عقده سيكون مرتبطا بالتطورات في إسرائيل، وخاصة بما يتعلق بخطة “الإصلاح القضائي” التي تدفعها الحكومة بهدف إضعاف جهاز القضاء.
ولفتت الدراسة الصادرة اليوم، الأربعاء، عن “معهد أبحاث الأمن القومي” في جامعة تل أبيب بعنوان “وثيقة توصيات لسياسة إثر الأزمة المتعمقة في علاقات إسرائيل والولايات المتحدة”، إلى أن الإدارة الأميركية لا تخفف رسائلها بشأن قلقها العميق من سياسة الحكومة الإسرائيلية، بما يتعلق بدفع تشريعات الخطة القضائية، وكذلك بما يتعلق من سياستها في الحلبة الفلسطينية.
وكان بايدن قد قال خلال مقابلة صحافية إن الحكومة الإسرائيلية الحالية هي “إحدى أكثر الحكومات المتطرفة”، وأن قسما من وزرائها هم “جزء من المشكلة”، وخاصة المتعلقة بالقضية الفلسطينية. وطالب بتنفيذ خطوات تحافظ على خيار حل الدولتين وتضمن استقرارا أمنيا.
ورأت الدراسة، التي صدرت باسم المعهد، أنه “من دون قيم مشتركة مع الولايات المتحدة، لن تكون هناك مصالح مشتركة ولا علاقات متميزة. فالولايات المتحدة هي دولة عظمى تعمل بموجب مصالحها الخاصة فقط. وأهمية إسرائيل بالنسبة للولايات المتحدة في مجالين أساسيين، التكنولوجي والقوة الأمنية. وأهمية إسرائيل في هذين المجالين تكون واقعية إذا بقيت إسرائيل ملتزمة بالقيم المشتركة التي تقرر هذه العلاقات المتميزة فقط لا غير”.
وأضافت الدراسة أنه “إذا تغيرت إسرائيل وابتعدت عن القيم الديمقراطية الأميركية، فإن تعزيز إسرائيل في هذين المجالين من شأنه أن يصبح مناقضا للمصلحة الأميركية، لأنه لا توجد لدى إسرائيل موارد طبيعية نادرة، وموقعها الجغرافي ليس مفيدا للولايات المتحدة، وهي ليست جزءا من حلف دفاعي، ورأسمالها البشري التكنولوجي، رغم أهميته، ليس حصريا لإسرائيل”.
وشددت الدراسة على أن العلاقات الأميركية – الإسرائيلية المتميزة هي “الفرق بين كون إسرائيل دولة عظمى إقليمية وبين كونها دولة صغيرة لديها قدرات محدودة. وبإمكان إسرائيل البقاء في الوجود حتى بعد خفض الدعم الأميركي لها، لكن هذا الأمر سيؤثر بشكل كبير على قوة إسرائيل الأمنية، رفاهيتها الاقتصادية وجودة حياة مواطنيها”.
ورغم أن إسرائيل ليست قريبة من إمكانية رفع الدعم الأميركي الشامل عنها، “لكن الاتجاه المستمر وبعيد المدى هو سلبي للغاية. وهذا ليس مرتبطا فقط بسياسة إسرائيل وإنما بتغير وجه المجتمع والسياسة الداخلية الأميركية أيضا”.
وأشارت الدراسة إلى الإدارة الأميركية تعارض بشدة الإصلاح القضائي وسياسة إسرائيل في الضفة الغربية التي تشكل خطرا على حل الدولتين. كما أن “الولايات المتحدة محبطة من مواقف إسرائيل تجاه الصين وسياستها تجاه الحرب الروسية – الأوكرانية. ووفقا للمفهوم الأميركي، فإن إسرائيل لا تعترف بشكل كامل بالقلق الأميركي في الموضوع الصيني”.
وحدثت في السنوات الماضية تحولات في السياسة الداخلية الأميركية، حيث “بات الناخبون الديمقراطيون يؤيدون الفلسطينيين أكثر وأقل تأييدا لإسرائيل”، وفقا لاستطلاع رأي نُشر مؤخرا وأشارت الدراسة إليه.
وهناك تحولات ديمغرافية هامة ومتناقضة بين الولايات المتحدة وإسرائيل. وبحسب الدراسة، فإن “الولايات المتحدة تحولت إلى أقل تدينا، وإسرائيل أكثر تدينا. والاتجاه الواضح في المجتمع الأميركي هو ارتفاع متواصل في أوساط جماهير تصف نفسها بأنها بلا إيمان ديني، بينما الاتجاه معاكس في إسرائيل”.
ويبتعد اليهود الأميركيين عن إسرائيل، وأحد أهم أسباب ذلك هو إبعاد التيارات اليهودية غير الأرثوذكسية عن إسرائيل، رفض إسرائيل الاعتراف بالتيارين اليهوديين الإصلاحي والمحافظ، اللذان يشكلان الغالبية العظمى من اليهود الأميركيين، وهو ما يزيد الاغتراب تجاه إسرائيل. “وهذان التياران معروفان بأنهما ليبراليان ويتشاركان مع الإدارة الأميركية وجهات نظر وقلق بكل ما يتعلق بالصراع بين إسرائيل والفلسطينيين”، وفقا للدراسة.
وجاء في توصيات الدراسة أن “إسرائيل ملزمة بوقف خطوات التشريع أحادية الجانب والعمل من خلال توافق قومي واسع. فلهذا الموضوع علاقة مباشرة مع إساءة أو تسوية العلاقات مع الولايات المتحدة”.
ودعت الدراسة في توصية أخرى إلى “الامتناع عن خطوات أحادية الجانب تخرق الوضع القائم ميدانيا في الحلبة الفلسطينية. واستمرار السياسة الحالية ستقود الولايات المتحدة في نهاية الأمر إلى الاعتراف بحل الدولة الواحدة، حتى لو لم يحدث هذا في السنوات القريبة. وليس مؤكدا أن مستقبلا تتحول فيه إسرائيل إلى ’دولة جميع مواطنيها’ يتلاءم مع التطلعات القومية لمعظم مواطني دولة إسرائيل الذين يعرفون أنفسهم كصهاينة”.
ودعت توصية ثالثة إلى تقارب بين التيارات اليهودية، كي لا يحدث “ضرر شديد” بتسريع انفصالها. “فالجيل الجديد الذي وُلد في زيجات مختلطة، لكنهم ترعرعوا كمن ينتمون للشعب اليهودي، سيتوقفون عن النظر إلى أنفسهم كملتزمين بالصهيونية وأصولهم اليهودية. ومن شأن ذلك أن يؤدي إلى فقداننا للنخب القادمة في الولايات المتحدة”.
وأشارت التوصية الأخيرة إلى ضرورة اعتراف إسرائيل بـ”حدود القوة”، وأنه عندما تستخدم قوة عسكرية شديدة يجب تنفيذها بتنسيق وثيق مع الولايات المتحدة. واعتبرت الدراسة أن “هذه التوصية هامة على إثر تهديدين مركزيين أساسيين على الأمن القومي الإسرائيلي، وهما التهديد الإيراني والتهديد الفلسطيني. وفي كلتا الحالتين، القوة العسكرية لوحدها لا تحل المشكلة، ومن شأنها أن تعقدها. وفي كلتا الحالتين أيضا، لغياب التنسيق مع الولايات المتحدة تأثير خطير على الإنجاز العسكري وكذلك على استقرار النتيجة بعد انتهاء المعركة”.